يعرف عن الملك عبدالله بن عبدالعزيز أنه قائد مكافحة الفقر في البلاد، فلم يتبن هذا المشروع بعد مبايعته للحكم، بل كانت بداياته عندما كان وليا للعهد، وما زال السعوديون يتذكرون زيارته الشهيرة في 24 نوفمبر 2002، إلى الأحياء الفقيرة في العاصمة الرياض، استشعارا منه لمعاناة هؤلاء الفقراء وتأكيدا على اهتمام الدولة بهم. وحرص رحمه الله على لقاء المواطنين في تلك الأحياء، والتجول بداخلها، والسؤال عن احتياجاتهم، وكانت تلك الزيارة بلسما للمواطنين، وخاصة في تلبية احتياجاتهم المعيشية والصحية، وأعلن في حينها إنشاء صندوق لمكافحة الفقر، يهدف بالدرجة الأولى لمساعدة أبناء الأسر المحتاجة للحد من الفقر. وشهد الصندوق قفزات كبيرة في تدريب أبناء الأسر ومن الآباء والأمهات القادرين على العمل بدورات منتهية بالتوظيف، وبمرتبات وحوافز مجزية، إضافة إلى ابتعاث الأبناء في كليات داخلية وخارجية لمناهج سوقية لضمان وجود العمل، وهو ما حول آلاف الأسر من أسر متكلة على المساعدات ومكافأة الضمان الاجتماعي والجمعيات الخيرية، إلى أسر منتجة معتمدة على نفسها، ومساهمة في بناء المجتمع. وأعلن الصندوق في إحصائية هذا العام وصول عدد المستفيدين إلى 44 ألف مستفيد من الجنسين، وأوضح المدير العام للصندوق الخيري الاجتماعي عادل فرحات، أن هذه المنح التدريبية المنتهية بالتوظيف جاءت ضمن خطة عمل الصندوق لتأهيل المستفيدين لمواجهة تحديات سوق العمل للنهوض بالعنصر البشري بالتدريب بكافة مستوياته، إضافة لرفع مستوى الأفراد من خلال تدريب منهجي يضمن انخراطهم في فرص العمل المتاحة، ومن هنا يأتي تدشين هذه الدورات التدريبية المنتهية بالتوظيف. وأكد فرحات أن الدورات وعقود التوظيف للمستفيدين تحت إشراف صندوق تنمية الموارد البشرية، للتثبت من مطابقة شروط العقود لمتطلبات وزارة العمل، لضمان جدية الفرص الوظيفية. وأضاف المدير العام للصندوق أن هناك ست جهات تم إطلاق برنامج التدريب المنتهي بالتوظيف معها للإعداد لمناهج دراسية كبرى سيتدرب المستفيد بها لمدة سنتين بمكافأة شهرية قدرها ألفا ريال، وبعدها يتسلم مهام وظيفته في قطاع تشغيل وصيانة محطات الكهرباء والمياه ابتداء براتب 8675 ريالا. ويعد صندوق الفقر مؤسسة اجتماعية تساند النشاط الحكومي والخيري الموجه للفئات الاجتماعية المحتاجة في البلاد، ويعمل على تحسين ظروف الفقير وتأهيله والوفاء بحاجته من خلال عطاء نوعي متبادل يشارك فيه الفقير وتسهم الدولة في دعمه وتمويل برامجه ومشاريعه مع المؤسسات الأهلية الربحية والخيرية وبمساندة من الأفراد الموسرين بإشراف من وزير العمل والشؤون الاجتماعية السعودي. ومن أهم أهدافه تقديم خدماته للفقراء وإصلاح أحوالهم الاجتماعية من خلال دعم المشاريع التنموية وكذلك البرامج الهادفة لتنمية قدرات ومهارات الفقراء، بتقديم القروض الحسنة لإقامة مشاريع استثمارية صغيرة لفئة الفقراء أو تطوير القائم منها لمساعدتهم على القيام بأعمال تتناسب مع قدراتهم وإمكانياتهم، وتوفير الخدمات الاستشارية، ودراسة الجدوى الاقتصادية الأولية للمشاريع الصغيرة الموجهة للشرائح الفقيرة، ومساعدتهم على تحديد المناسب منها وتدريب الأفراد المستهدفين على إدارة المشاريع الصغيرة التي يستطيعون القيام بها وتشغيلها. كما يساعد الصندوق الفقير لدى الجهات التي يمكن أن تقدم له ما قد يحتاجه من خدمات، وذلك من خلال التعريف به وتزكيته، أو كفالته لدى أي من تلك الجهات، وإرشاد الأفراد المستهدفين، وذلك من خلال قاعدة معلومات، للإفادة من فرص العمل المتوفرة لدى مؤسسات المجتمع المختلفة ومؤسسات القطاع الخاص على وجه الخصوص، وتهيئة المناخ الملائم لقيام المشاريع الصغيرة المعنية بالفقراء وتنميتها وتشجيعها، بما في ذلك حمايتها من المنافسة الخارجية والاحتكار. ويتمتع الصندوق كذلك بالاستقلال الإداري والمالي ويمثله رئيس مجلس الإدارة وزير الشؤون الاجتماعية أو من يفوضه ومركزه الرئيسي الرياض، وله في سبيل تحقيق أهدافه أن ينشئ فروعا في مناطق أخرى من المملكة. ويتم تمويل الصندوق من عدة مصادر، أبرزها: ما تخصصه الدولة من مبالغ أو إعانات مالية وعينية، وكذلك من الأوقاف والتبرعات العينية والمادية، والصدقات والزكوات التي تدفع مباشرة من الأفراد والمؤسسات والشركات، بالإضافة إلى العوائد المالية التي يحصل عليها الصندوق من استثمار أصوله وممتلكاته. وحث الملك عبدالله على التبرع لهذا الصندوق، وضرب بنفسه أكبر مثل على ذلك، بتبرعه بقيمة عشرة ملايين ريال، وقامت الدولة بتوفير 250 مليون ريال لدعمه.