الرأي

يا عيال جاستا

عبدالله الجنيد
أنتم حرار من مواكر احرار وحنا عليكم من صواريم سنجار أنتم كما ظلع كبير الحجارا وحنا كما نجم على اضلع حدار البيتان للشاعر الكويتي حمود الناصر البدر وقد قالها في مناسبة خاصة لن نخوض فيها، ولكن في إسقاطها المعنوي السياسي من تصويت الكونجرس الأمريكي «عيال جاستا» بالإجماع تقريبا على إقرار ذلك القانون بعد الفيتو الرئاسي. وأنا هنا لا أستنهض روح العداء أو رفع راية الحرب على الشعب الأمريكي أو ممثليه المنتخبين بقدر ما هو تذكير لنا بأهمية أن نقول «وصلنا ردكم وسيصلكم ردنا السياسي قريبا». العلاقات بين الدول تحتكم إلى معاهدات وأعراف واجبة الاحترام في حالتي السلم والحرب، وقد يذهب البعض في قراءة جاستا عاطفيا قبل قراءته سياسيا فتتولد حالة احتقان قد تولد ردود أفعال غير محمودة. لذلك، ونحن إذ نستهجن الموقف الانتهازي للمشرع الأمريكي في استغلال «مظلومية الضحية» إلا أننا نعي أنها سحابة صيف غير ممطرة بفيض. وقد افترضنا بعد التصويت أن يعاد تقييم الوضع من قبل الساسة الأمريكان، وهذا ما يحدث تماما الآن. فالسيناتور بوب كروكر رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونجرس قال تأكيدا لوجود مشاريع تعديلات على القانون «يساورنا القلق العميق من الانعكاسات السلبية للحصانة السيادية للدول، مما قد يستجلب علينا قضايا مماثلة» وأضاف «إنني قد أرسلت رسائل توضيحية حول الاحتمالات العكسية علينا من هذا القانون». أما جون برنن رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA فقد حذر قبل عملية التصويت بالتالي «تبعات هذا القانون ستكون وخيمة على الولايات المتحدة» وأضاف حول المساس بالحصانة الاعتبارية للدول «إن الولايات المتحدة هي أكبر الخاسرين وأول مؤسساتها التي ستستهدف هي CIA». وفي تصريح آخر مثير حول جاستا، قال أحد الساسة الأمريكان «من الآن فصاعدا فإن مكاتب المحاماة من سيحدد مسارات العلاقات الخارجية الأمريكية». علينا قبل ممارسة السياسة القراءة فيها بعيدا عن «الاجتهاد العاطفي أولا»، فتجهم الحروف قد يقود البعض لردود أفعال غير محمودة النتائج، وتاريخنا الحديث يغص ببعضها. ونعم، إن وتيرة التوظيف السياسي لاسم السعودية في الإعلام الأمريكي سيرتفع مدفوعا بأجندات بعضها نفعي موقت وأخرى استراتيجية الهوى، وعلينا الانتباه للأخيرة لا الأولى. أما آليات إعادة تصويب العلاقة السعودية الأمريكية فذلك مشروع لم ينقطع إنما تسارعت وتيرة إيقاعه الآن، وأما ما هو متاح للسعودية من أدوات فهي كثيرة يمكن البناء عليها. ولنأخذ سوق النفط على سبيل المثال. فلو قررت المملكة العربية السعودية في أي وقت بيع نفطها بعملات أخرى غير الدولار فإن مجرد التلميح بذلك فقط سيكون له ما بعده من تبعات كبرى في سوق يومي يقدر بحوالي 90 مليون برميل قيمته 4.4 مليارات دولار بافتراض السعر عند 49 دولارا للبرميل مثلا. ذلك بالطبع دون احتساب قيمة العمليات الرديفة لهذا السوق. والآن لنتصور ولو للحظة أنه بعد توقيع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة اعتماد صرف عملاتهم بشكل مباشر دون الحاجة لعملة وسيطة مثل الدولار، فهل من المحتمل أن تقرر السعودية لاحقا اعتماد ذلك في تعاملاتها التجارية مع الصين. وهنا نحن نتحدث عن ميزان تجاري سنوي بين السعودية والإمارات مع الصين يقدر بـ170 مليار دولار. حد سلاح الاقتصاد أمضى من السيف.