حياتنا

دم (الكنج) يضيع بين القتلة!

بعد النسيان

u0645u062du0645u062f u0627u0644u0633u062du064au0645u064a
‏‫سئل الروائي الكولومبي العظيم (جابرييل جارسيا ماركيز) عن أحب رواياته إلى نفسه، فأجاب فورا بلا (نحنحة) ولا (حقحقة) ولا (طبعنة): إنها (سرد أحداث موت معلن)! وتدور في حي عربي في العاصمة المكتظة بمختلف الأعراق والملل والنحل؛ حيث يعلن البطل أنه لا بد أن يقتل غريمه الذي هتك عرض أخته! وأن الأخلاق العربية تفرض عليه أن يعلن نيته هذه في كل مكان: الأسواق، ومحطات النقل، وأقسام الشرطة، والكنيسة الكبرى، والجامع الأكبر، والمقاهي؛ بل وفي الصحف والإذاعة ودور السينما! ظل يجول بكل ما عرف به العرب من كبرياء ويقول بصوت واضح: لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى * حتى يراق على جوانبه الدمُ ! اشهدوا أنني سأقتل فلانا، في اليوم الفلاني، في وضح النهار، في الساحة العامة؛ لأغسل بدمه شرفي على الملأ! ولم يكترث غير العرب بهذا الجنون! أما العرب فاعتبروا إعلانه المتكرر جبنا مقنعا ـ كالبطالة (فيذا) ـ وأنه إنما يريد من الشرطة ـ مثلا ـ أن تمنعه ليعذره الناس من مبدأ: «هدوني عليه»؛ التي كان يهايط بها (حسينوه) في (درب الزلق)! وما بين عدم الاكتراث حتى من الجهات الرسمية، وبين الاستخفاف من العرب، تتلاحق الأحداث إلى أن تنتهي بتنفيذ القاتل نيته المعلنة وبالسيناريو الذي شرحه بأدق التفاصيل المكانية والزمانية والمكزانية والزمكانية و(القينانية) الغامدية!! ومع أنك يمكن أن تعيد قراءة الرواية مرارات عديدة بديدة، دون أن تفقد التوتر الرهيب، ودون أن تتوقع النهاية المأساوية التي كنت تعرفها؛ إلا أن العظيم (ماركيز) ظل يقول إلى آخر لحظات حياته: «ما كتبته ونلت عليه جائزة نوبل من روايات غرائبية ليس إلا قطرة من حياة شعبي المتلاطمة»! فماذا لو سردت (أميمة الخميس) أو (سهام مرضي) أحداث موت المفحط الشهير (كنج النظيم)؟! منذ تفتحت مراهقته، وهذا الشاب يركب (نعشه) ويعابث الموت على مرأى من الشرطة، ومرور الكرام، والبلديات، وسط هتاف جمهوره من جيل (2030) الذي كان يتضاعف مع (امتهانات) الترعية والتبليم؟ ولم تردعه سخرية الموت حين أخذ مساعده وتركه؛ ليدخل السجن تنفيذا لعقوبة تعزيرية خُفّفت من (10) إلى (6) سنوات !! ويخرج لحسن السير والسلوك ...نعم نعم؟ بل ولحفظه القرآن المجيد!! ثم... أكملي أنتِ يا (رجاء الصانع)، وستنسى الساحة (بنات الرياض) للأبد!!