الرأي

النعامة والطاووس

دبس ورمان

هبة قاضي
تشعر بالضيق، وربما بقليل من القلق، وعليه أيضا بعض من التوجس والحيرة. تسائل نفسك ترى ما السبب؟ ولماذا اختفت دافعيتك وحماستك؟ عزيزي القارئ لو أنك امتلكت الجرأة لمشاركة ما تشعره مع الآخرين من حولك لاكتشفت أن الكثيرين يشعرون بنفس الطريقة. وأننا في مواجهة غمامة أثيرية تتناقل الموجات السلبية والطاقات المنخفضة. رافعة حرارة مشاكلنا، ومستفزة لأمورنا المعلقة والمؤجلة منذ أمد. مرغمة إيانا على التوقف، والمساءلة، والمواجهة. بعضهم يفترض أنها نهاية الإجازة، والآخر يفترض أنها ترددات الظروف العالمية والمحلية التي لا تسر. وبعضهم يقول إنها نهاية العام إذا ما حضرت جلبت معها مساءلة النفس، وكشوفات حسابها، وتقييم أدائها. ما نستطيع أن نجزم به هو أننا نمر بظروف صعبة عالميا ومحليا، وأصعب ما فيها أنها كبيرة، ومعقدة، وفي الغالب خارج حدود فهمنا، وقدرتنا على فعل أي شيء تجاهها. فما بين أصداء الانتخابات الأمريكية، وقانون جاستا الذي يصم بلدنا وبالتالي نحن بأننا إرهابيون. وما بين الصعوبات المحلية التي تطاولت وتشامخت وأخذت تؤرق مسار حياتنا من سجالات التيارات الفكرية وطواحين المهاترات العنصرية والطائفية وحتى أبسط الممارسات الحقوقية والحياتية. ثم التداعيات الاقتصادية التي بدأت مع مواجهاتنا السياسية، والتي مؤخرا هاجمتنا شخصيا، مادة يدها بكل قسوة لتقصم دخلنا، ومغيرة بقرار فجائي نمط حياتنا وطريقة عيشنا. نجد أنه من الطبيعي أن نمر بما نمر به الآن. عزيزي القارئ أدعوك ونفسي في حال الشعور بالضيق الداخلي، للكف عن محاولة الهروب ودعوة النفس وكل ما علقت، أجلت وتجاهلت إلى جلسة مصارحة نكاشفها فيها ونحسم معها الأمور. أدعوك ونفسي لحرية الشعور بما نشعر به بكل صدق وشفافية، والكف حالا عن ادعاء البطولة وتهميش مصاب الآخرين، بل والدعوة للمثالية. فذلك أدعى للصحة النفسية ويمنع التبعات المدمرة للكبت والادعاء. أدعوك في حال قلقك من أحداث الحاضر، وتداعيات المستقبل إلى التوقف حالا عن الاستماع للمهولين ومدعي فهم كل شيء. والمسارعة بتزويد نفسك بالمعلومات والمعرفة من مصادرها الموثوقة، بأن تقرأ، بأن تسأل المختصين، وتنعم على نفسك بالفهم الذي يجلب الطمأنينة والعقلانية في التعامل مع الأمور وكيفية الشعور بها. أدعوك ونفسي لأن نذكر أنفسنا بأن نركز على ما نستطيع فعله، وعلى الحرص على عدم تمرير القلق لصغارنا. والأهم أن نذكر أنفسنا أنه لا ثبات في الكون، وأن الشيء الثابت الوحيد هو التغيير، وأنه لا بد أن نسارع لتعليم أنفسنا وإكساب أولادنا سرعة التكيف والتطوير.