الرأي

لا ترجع للسعودية..!

نعم وبفم ممتلئ، هذه الجملة التي سمعتها من أحد أبناء وطني الحبيب، وطني الذي لم يبخل على الجميع بأي شيء وخصوصا المبتعثين، ليس فقط في الولايات المتحدة ولكن حول العالم. للمعلومية، أنا لم أحصل على أي مقابل لكتابة نصي هذا كما يظن البعض، ولكن أنا أحد الأوفياء لتراب الوطن الغالي والذي لا يساويه عندي أي مكان بالعالم. فردي لذلك الشخص الذي حاول إقناعي بالاستقرار في الولايات المتحدة كونها أرض الفرص والأحلام بقولي له: «سيدي الفاضل في الرحلة الأخيرة والقادمة من أرض الوطن إلى هنا أحضرت معي كيسا صغيرا فيه القليل من تراب الوطن والذي يساوي بعيني الخمسين ولاية». لكي تعلم جيدا أني نشأت في محافظة صغيرة تسمى «بيش» وترعرعت فيها على يد والدي ومعلمي الأول «منصور جابر عكيري» الذي علمني كيف يكون حبي لأرضي و تعلقي بها ولو أن شجرة ستغرس فيها وسيجنى قطافها، فإن الأولى بأن يكون فلاحها. فكرة الاستقرار في الولايات المتحدة، قد تكون حلما للبعض وأمنية يتمناها، أما بالنسبة لي، فالوضع جدا مختلف! فالوطن أولى أن يرد له الجميل. تعتبر البعثات السعودية الأفضل على الإطلاق على مستوى العالم، فأنا لم أجد حكومة تقدم مثل حكومتنا مزايا وامتيازات متنوعة لأبنائها الطلبة. معظم البعثات عبارة عن دين يعطى للطالب ويسترد منه متى ما بدأ العمل، والآخر يجبره على العمل لصالحهم مدة محدودة من الزمن. وفي إحدى النقاشات توصلنا فيها إلى سؤال من صديق أجنبي قائلا: «كيف أصبح سعوديا». عزيزي ابن الوطن الغالي، تذكر جيدا أننا غير مطالبون برد أي جزء تم دفعه عننا في سبيل التحصيل العلمي، ولا نحن مجبرون على العودة للعمل في السعودية لتسديد تلك الرسوم، فلنا حرية الاختيار وهذا يعتمد على كل إنسان. خذها من باب «رد الجميل» ورد جزء مما أعطانا الوطن، للعودة له، وبداية مشوار التطوير والتقدم في كل المجالات، كن أنت لبنة هذا المشروع المستقبلي والذي يعود بنفع لهذا الوطن المعطاء. ثم بدأ يردد بعض المصطلحات المستخدمة في قنوات الأخبار العالمية من اقتصاد وأسعار نفط وما وراء ذلك. فبدأت أرد عليه بأن وطننا الغالي وإن كان يمر ببعض الأزمات، فهي لا شك أنها مجرد فترة موقتة وستعود المياه إلى مجاريها. رغم كل الظروف التي تمر بالمنطقة في الشرق الأوسط إلا أننا ما زلنا ننعم بكل ما هو جميل والأهم من ذلك أن وطننا هو المكان الآمن على مستوى العالم بكل المقاييس المحلية والدولية. وطن معطاء بحجم السماء، حق له أن نرد له بعضا من عطائه وبعضا مما أعطانا في سبيل تطوير أنفسنا وتهيئة بيئة مناسبة لنا ولعوائلنا في المستقبل القادم. فأنا على الصعيد الشخصي، أرى الفرص في المملكة لا تضاهى بأي ثمن ولا بأي مكان. مستقبل المملكة أصبح مثل البناء الذي يتطلب العمل من كل فرد للوصول إلى الهدف المنشود، وكما نعلم أن دولتنا الحبيبة وقيادتنا الرشيدة قد بدأت في تصوير نظرة مستقبلية تسمى (رؤية 2030) أساسها هو نحن شباب هذا الوطن. سيدي الفاضل أنا وأنت وكل فرد مسؤولون عن مستقبل وطن بهذا الحجم لنصبح في المستقبل القريب من الدول التي تصدر للعالم إنتاجها المحلي، ليس فقط اعتمادا على النفط الذي وهبه الله لهذه البلاد، ولكن بالبدائل الأخرى التي يشغلها ويقوم عليها الشباب السعودي.