مشالح عبدالله تلون الأيام
المشلح، أو العباءة، كما يعرفه العرب لغويا هو ما يلبسه الرجل العربي رسميا فوق ثيابه في المناسبات وأمام الناس حينما يلتقيهم وهو في كامل أناقته
الجمعة / 3 / ربيع الثاني / 1436 هـ - 23:15 - الجمعة 23 يناير 2015 23:15
المشلح، أو العباءة، كما يعرفه العرب لغويا هو ما يلبسه الرجل العربي رسميا فوق ثيابه في المناسبات وأمام الناس حينما يلتقيهم وهو في كامل أناقته. وهي عادة عربية لم يعرف تحديدا متى بدأت، ولكنها من المؤكد سبقت زمن ما قبل الإسلام، وحافظ عليها الخليجيون بصفة خاصة إلى يومنا هذا، حتى إن العباسيين كانوا يهدون العباءة «المشالح» تقديرا لضيوفهم. ويُطلق الخليجيون على المشلح اسما آخر هو البِشت (بكسر الباء)، وهي كلمة مشتقة من الفارسية وتعني (الخلف)، أي ما يلبسه الرجل وراء ظهره، كون صناعة «البشوت» كانت حرفة فارسية في الأصل قبل أن تصل إلى الخليج العربي ليحترفها أهل الأحساء الذين سيطروا على جودة هذه الصناعة سنين طويلة وأصبحوا الخيار الأول لنخبة العملاء. في السعودية يرتدي الأمراء والعلماء ومسؤولو الدولة وأعيانها مشالحهم وفق رغباتهم الخاصة وتوفرها، حسب ما ذكره كثير منهم، لإعداد هذا التقرير، ولكن كان لفقيد البلاد الملك عبدالله بن عبدالعزيز ـ يرحمه الله ـ بروتوكوله الخاص في اختيار ألوان المشالح التي يرتديها وفق جدول زمني معين، ويجهله كثير من الناس حتى لا يُثقل على الآخرين برغباته واختياراته، ولكيلا يكون أمرا ملزما لغيره كما أعتاد أن يفعل في كل شؤون حياته. ويعرف الذين عملوا بجوار الراحل الألوان التي كان يرتديها في المناسبات وأيام الأسبوع حتى أصبح الأمر عُرفا بينهم، حيث كان يرتدي «اللون الأبيض» حينما يستقبل العلماء وفي عيديّ الفطر والأضحى، أما في العزاء فيلبس أحد اللونين البني أو الأسود، وفي باقي أيام الأسبوع يختلف لون المشلح باختلاف الأيام على النحو التالي: السبت: بني. الأحد: أصفر. الاثنين: الأسود، لأنه يتوافق مع اجتماع مجلس الوزراء. الثلاثاء: عودي. الأربعاء: البيج. الخميس: أي لون. الجمعة: الأبيض، لأنه يتناسب مع عيد المسلمين يوم الجمعة. وعُرف عن الفقيد أناقته في ارتداء الزي الرسمي السعودي، حيث كان لا يفضل أن يرتدي «الصوف» فوق الملابس، لذلك تأتي «الدقلة» بديلا عن الصوف في فصل الشتاء، ويرتدي عادة ثلاثة أنواع من نسيج المشالح، صيفي وشتوي وربيعي، ويختلف نسيج كل نوع منها حسب الفصل السنوي، فالمشلح الصيفي يكون ناعم الملمس خفيف الوزن ومصنوعا من الوبر المخلوط بخيوط قطنية تعتمد في غزلها على لون المشلح. أما الشتوي فهو أثقل وزنا، لأنه يصنع من خيوط الوبر الخشنة ليكون أكثر دفئا في الشتاء، وهنالك نوع أخير وهو الربيعي الذي يكون بين النوعين السابقين في مواصفاته ووزنه ودفئه. كما أنه كان لا يفضل لبس «النعال» في أي مناسبة أمام الناس، ويفضل الأحذية التي تعتبر أكثر أناقة مع الزي الرسمي، وعُرف عنه أيضا أنه يهدي مشالحه لمن يحبه من الناس، حيث تعتبر عادة إهداء المشالح كرما عربيا أصيلا لمكانة المشلح لدى العرب. ونظرا لإقبال الخليجيين والسعوديين تحديدا على لبس المشالح بكثرة، دخلت مصانع النسيج العالمية مثل البريطانية واليابانية والعربية في منافسة التجار المحليين الذين يحافظون على عملائهم من الأمراء ونخبة المجتمع نظير حرفيتهم العالية في هذه الصناعة التاريخية التي لها أسرار وفن يتوارثونه أبا عن جد، ولجودة النسيج الذي يصنعونه خصيصا لهذه المشالح.