الرأي

أوقفوا الدخلاء

إبراهيم خليل البراهيم
العلم والمعرفة ركيزتان مهمتان في كل مجال وعمل، على عكس الجهل الذي ورد ذمه في محكم التنزيل {ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير}. فقدم الله عز وجل العلم لأهميته وقدره دون انتقاص للهدى والكتاب. العلم والمعرفة سلاح قوي ومفتاح كل تقدم وحضارة منذ قديم الأزل، فمن يعلم ويعمل يبدع ويتقدم ويقود الأمم. العلم في بلادي في تحسن دائم ومستمر مع انتشار الجامعات وخريجي برنامج الابتعاث من مختلف دول العالم وأفضل الجامعات فأصبحت المملكة مليئة بالخبرات والكفاءات في مختلف التخصصات. إلا أننا لا زلنا نعاني من بعض المشكلات المجتمعية نتيجة الدخلاء والمتطفلين على العلوم، فهؤلاء الأشخاص لا يصنفون جهلاء ولا متعلمين بل أنصاف متعلمين! والأسوأ من ذلك كله أنهم يتصدرون المجالس والمنابر والقنوات بخرافاتهم وأفكارهم الناقصة! فالدخيل على علوم الطب والصيدلة دون مؤهل ومعرفة قد يفاقم المرض ويتسبب بأمراض أخرى ومشاكل متعددة تعقد الحالة وتزيد الأمر سوءا، بل وقد تتسبب في وفاة المريض، أما الدخيل على الدين فهذا هو الأدهى والأمر لما قد يتسبب فيه من نقل للعلم الخاطئ والمعلومة الناقصة التي تسيء لهذا الدين وشرعه وهو منزه عن ذلك، هو أسوأ من الدخيل على الطب لأن تأثيره يتخطى الحياة الدنيوية إلى الآخرة وتعامل الإنسان مع ربه. حتى الدخيل على الفلك قد يضلل الناس من حيث صوم رمضان وفطره ودخول الأشهر الهجرية ودخول الفصول والمواسم وخروجها، ويمكنك أن تقيس على ذلك كل علم من العلوم وأثره على حياة البشر. في الماضي لم يكن هنالك جامعات ومعاهد، فكانت كثير من المهن تؤخذ بالتدريب والممارسة، وكان مقبول ذلك في حينه، أما اليوم فالحال تغير وكل علم أصبح له أسسه وطرق تدريسه؛ ومن غير المعقول أن نستخدم أدوات الماضي لنعيش بها في هذا العصر المتقدم. الدخلاء والمتطفلون على العلوم ظاهرة تحتاج وقفتنا جميعا، برفع الوعي المجتمعي في المجتمع نفسه تجاه هؤلاء، وعدم تناقل أحاديثهم ورسائلهم، ومن الجهات التعليمية والإذاعية والتلفزيونية وأصحاب الفكر والرأي والمؤثرين، فهو دور تكاملي يستوجب منا جميعا أن نقوم به وأن لا نلقي لهم بالا ولثرثرتهم حتى يتوقفون وينتهي أمرهم في وطن متميز علميا ومعرفيا وجيل أكثر إبداعا ومعرفة ووعيا.