صوتك في الانتخابات مسؤولية دينية قبل أن تكون دنيوية
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وتحية وتقدير لقارئ “مكة” الكريم، الذي يُفترض أن يكون موعدي معه اليوم في مقال جديد عن “شهادة الزور” والعياذ بالله، ولكن شاء الله أن تتأخر هذه الشهادة للمرة الثانية وهي إن شاء الله ليست زوراً، لا لسبب إلا لاستحواذ حادثة القتل في الأسبوع الماضي على جل اهتمامي، وفي هذا الأسبوع أستميحكم مرة أخرى على تأجيلها وسوف لن أذهب عنها بعيداً طالما حديثي سيكون عن الانتخابات وهي أيضاً نوع من أنواع الشهادة
الاحد / 5 / رجب / 1435 هـ - 20:30 - الاحد 4 مايو 2014 20:30
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وتحية وتقدير لقارئ “مكة” الكريم، الذي يُفترض أن يكون موعدي معه اليوم في مقال جديد عن “شهادة الزور” والعياذ بالله، ولكن شاء الله أن تتأخر هذه الشهادة للمرة الثانية وهي إن شاء الله ليست زوراً، لا لسبب إلا لاستحواذ حادثة القتل في الأسبوع الماضي على جل اهتمامي، وفي هذا الأسبوع أستميحكم مرة أخرى على تأجيلها وسوف لن أذهب عنها بعيداً طالما حديثي سيكون عن الانتخابات وهي أيضاً نوع من أنواع الشهادة، بل هي مسؤولية فردية عظيمة متى ما أحسن أداؤها فإن نفعها سيمتد للمجتمع وثوابها سيعظم، وإن أسيء استخدامها فإن المسيء يتحمل وزرها ويخف ميزان إحسانه بمعاناة من تسبب صوته في إلحاق الضرر بهم، وهي بذلك تعني الإدلاء بالشهادة بما تعلم، فإن دُعيت للانتخاب فاعلم أنك إنما مدعو لتشهد، وعليك أن تبادر لأداء شهادتك حتى لا يطالك عقاب الله سبحانه وتعالى القائل في محكم التنزيل (وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ (*) وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ (*) وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) وأن تنال ثوابها فقد قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم (ألا أخبركم بخير الشهداء، الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها)، فإن ذهبت لتدلي بصوتك لاختيار فلان لذاك المنصب فأنت أمام مسؤولية دينية قبل أن تكون دنيوية، فانج بقلبك من الإثم وأدل بصوتك لصالح فلان إن توسمت فيه صلاحاً في حدود علمك ورأيت أن هذا الفلان هو الأصلح والأنسب من بين هؤلاء جميعاً (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ)، فهل نحن حقيقة نلتزم بهذا الأمر الرباني أم أننا ننزلق مع مختلف الأهواء وتجرفنا الأغراض الشخصية من مكايدات ومجاملات ومعايير دنيوية زائفة وننسى ثواب الآخرة؟ مع شديد الأسف أننا لا نطبق هذا المفهوم في مناح كثيرة من حياتنا وفي حال الانتخابات تأتي شهادتنا مغلوطة متسببة للمجتمع في مشاكل ومآس كثيرة وفوق ذلك تكون تلك الشهادة الكاذبة وبالا علينا في آخرتنا.
وفي الواقع إن لي نظرات خاصة بشأن الانتخابات ليس هذا المكان لبسطها وتفصيلها، وإن كنت قد قلت ما أوردته هنا أثناء انتخابات الغرفة التجارية الصناعية بجدة وتوجهت به لإخواني أعضائها قبل إجراء الانتخابات على مدى شهر كامل، وقلت فيما قلت إن أسوأ ما في العملية الانتخابية أن يرافقها شراء وبيع للأصوات، وهي الممارسة السيئة التي تسيء لمرتكبها أولاً كعضو في جماعة انضممت لها بمالك لا بحسن صنيعك ولا بطيب سريرتك، لتتكسب منها حراماً وتتحمل أوزاراً وعقاباً نتاج استبدالك آخرتك الدائمة بدنياك الزائلة، وكذلك رددتها وقلتها بعد أن فاز أخي معالي الدكتور عبدالرحمن الزامل رئيس غرفة تجارة الرياض بمنصب رئيس مجلس الغرف السعودية في مطلع الأسبوع الفائت، وهو الفوز المستحق الذي أفرحني أكثر مما لو فزت أنا، فقد كنت مرشحاً وفاز هو ولم أفز أنا وكنت أول المهنئين له وأسررت له بأن يعتبرني جندياً معه، فهو ترشح للصالح العام وأنا أيضاً فعلت، فإن فاز أحدنا فإن الآخر سيكون له معيناً لتحقيق رؤاه فيما يراه صالحاً عاماً، وكلانا بحمد الله لا ينتمي لحزب أو طائفة وإنما انتماؤنا لهذا التراب الغالي ولا نتبنى مدارس اقتصادية مختلفة وإنما ننتمي للمدرسة الاقتصادية النابعة من الاقتصاد الإسلامي، لقد سرني فوز معاليه أكثر مما لو فزت كما قلت، ويعلم الله وحده ليس ذلك رياءً ولا خيالاً، بل حقيقة أوجزها في سببين: فأولاً: عندما كتب الله لي الفوز في الدورة قبل السابقة توفقت وزملائي في إرساء مبدأ انتخابات رئيس المجلس ونائبيه من جميع الغرف التجارية وأن لا تكون المناصب الثلاثة حصراً أو حكراً على الغرف الكبيرة الرياض وجدة والشرقية، كما كان معمولا به لعقود طوال، فتم بحمد الله إجازة وإقرار هذا النظام، وعندما تم إقراره كان الدور على غرفة الرياض لرئاسة المجلس حسب التناوب الثلاثي، فذهبت الرئاسة كما سأذكر لاحقاً بالانتخاب لغيرها، وها هي غرفة الرياض تعود في هذه الدورة للرئاسة بالانتخاب، وهو في الحقيقة أمر مفرح ومدعاة للاطمئنان على حسن المسار الذي اخترنا.
ففي عام تنفيذ النظام الجديد أتت الانتخابات بفوز أخي المهندس عبدالله المبطي –رئيس غرفة أبها– وهي من الغرف المتوسطة وأيضاً نائبيه أخي إبراهيم الحديثي رئيس غرفة الخرج وأخي فهد الربيعة رئيس غرفة المجمعة، وبفضل الله أثبتت التجربة نجاحها وشعرت جميع غرف الوطن بأهميتها في اتخاذ القرار وبمشاركتها الفعلية في توجيه مسار الاقتصاد، ولعل في ذلك إتاحة لجميع أبناء الوطن المؤهلين على تسنم المسؤولية فهناك كوادر مبدعة كان يقف النظام حائلاً دون استفادتنا منهم بينما هم يحترقون شوقاً لتسخير علومهم وخبراتهم ومواهبهم في خدمة الوطن. ثم تأتي هذه الدورة بمعالي الأخ الدكتور عبدالرحمن الزامل فهذا دليل على صحة المبدأ وبرهان على أن الاختيار والفوز للشخص الأصلح لا للغرفة الأكبر، طالما جميعنا نمثل وطنا واحدا وهدفنا واحد فإننا عندما ننتخب رئيسا ونوابا له فإنما انتخابنا لهم لصفات ومقدرات شخصية يتحلون بها ولمؤهلات علمية وخبرات عملية، فأن يأتي رئيس هذه الغرفة أو تلك بالسباق الانتخابي خير من أن يأتي مناوباً عن غرفته الكبيرة وتأتي منجزات دورته باهتة كأداء واجب ليس أكثر، بخلاف النظام الحالي الذي أضفى التنافسية والحرص والإصرار على الإنجاز مقروناً بأمل الفوز في دورة أخرى، فهنيئاً لنا باختيارنا معالي الدكتور عبدالرحمن الزامل بما يتمتع به من رؤى واسعة وصفات شخصية، وكونه رئيساً لغرفة عاصمة البلاد بما في ذلك من مميزات وتسهيلات للعمل.
وبهذه المناسبة أذكر وجميع الزملاء يذكرون أنني في الدورة قبل السابقة عندما فتح باب الانتخاب وجاءت نتيجة فوزي بعدد كبير من الأصوات رفضت النتيجة وطلبت أن يقتصر الترشيح على الغرف الأخرى دون الثلاث غرف الكبرى، فتمت الإعادة فقبلت وتم إرساء المبدأ، فما كنت أحب أن أعود بالانتخاب لأكون أول مستفيد من نظام أنا مقترحه. وثانياً: هناك من الصفات الشخصية والعملية في أخينا معالي الدكتور عبدالرحمن الزامل ما لا تتوفر في شخصي، وأؤكد أنه لولا ضغوط بعض الإخوان ممن أحترم لما ترشحت لهذه الدورة وعلي أن أحترم رأي الأغلبية ولا يضيرني ذلك شيئا ولا أفقد صداقة امتدت بيني والأخ الدكتور عبدالرحمن الزامل لأكثر من أربعة عقود، وحقيقة أفرحني فوزه وهو من جمع بين خبرة حكومية لا تتوفر في شخصي فقد كنت أدنى مرتبة من وكيل وزارة، وأخي الدكتور من بيت تجاري صناعي وأنا لست كذلك، وذاك أمر لا يعيبه ولا يعيبني، وهو يحمل مؤهلا علمياً أعلى درجة مني، والأهم أن وجوده في الرياض سيجعله يعطي المجلس ما يستحق من وقت وإن كنت أحسب في تجربتي السابقة أنني قد أعطيت المجلس ولكن لست مقيماً في مدينة الرياض فلا يتسنى لي مقابلة الوفود الزائرة للمجلس، وهو الدور الذي اطلع به مشكوراً مأجوراً أخي الشيخ عبدالرحمن الجريسي، وأيضاً قام به الأخ عبدالله المبطي، وسيقوم به الأخ الدكتور عبدالرحمن الزامل وهكذا نتكامل ونكمل بعضنا بعضا في الواجب.
الإخوة الأعزاء، أتمنى أن لا يفهم من إسهابي في التفصيل قصداً التفاخر أو محاولة تبرير واهية لعدم فوزي، لا والله العظيم، ما أردت إلا اغتنامها فرصة ومناسبة مناسبة لأتوجه بقولي لإخواني في مختلف قطاعات الأعمال أن نتقي الله في أنفسنا وفي وطننا فنحن من الفئات القليلة التي تمارس حق الانتخاب وعلينا أن ننسى ذواتنا وأن نفكر في وطننا وتفضيل صالحه العام، وبذلك يكون شكر النعم، وبشكرها تبقى وتزيد بوعد الله. وأعود وأبارك لأخي الدكتور عبدالرحمن الزامل ولنائبيه الأخوين صالح العفالق رئيس غرفة الأحساء والدكتور عبدالرحمن السميرين رئيس غرفة الجوف، وأحسب أن كل أعضاء المجلس سيكونون جنوداً معهم في أداء هذه الأمانة، وأقول لمن سبقهم من الإخوان عبدالله المبطي وإبراهيم الحديثي وفهد الربيعة أحسنتم وجزاكم الله خيرا على ما قدمتم، وكانت فرحتي ستكون أتم وأشمل لو أن الغرف المتوسطة والصغيرة قد مارست حقها المكفول في العملية الانتخابية بالترشح للرئاسة لا أن تركن وتعيدنا سيرتنا الأولى بإلقاء المسؤولية على غرف الرياض وجدة والشرقية. وقبل أن أختم مقالي هذا أدعو الله بالصحة والعافية وطول العمر لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه، من أتاح لنا هذا البراح الفكري لندلي بآرائنا ولنتفاكر ونفكر ونتناصح في بيئة صحية وبنية إنسانية رفيعة المستوى لنسهم تحت قيادته الرشيدة وتوجيهاته السديدة في التقدم بوطننا إلى حيث نتطلع ونتمنى، ونشكره ونمتن لمقامه السامي الكريم أن أحسن لنا اختيار مرجعيتنا في القطاع معالي أخينا الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة الذي له من اسمه الثلاثي نصيب إن شاء الله، فالتوفيق بمشيئة الله حليفه والفوز سبيله والسمات الجميلة التي ينتظرها الناس من الربيع رفيقة مساعيه، لا من قبيل التزلف والنفاق فقد بلغت من العمر ولله الحمد ما يدرأ الشبهة عني، بل هي شهادة حق أبتغي بها الثواب من الله في حق رجل رأيت جهده وشهدت حرصه وعلمت بذله ولمست نتاج عمله تنظيماً وارتقاءً بهذا القطاع الهام، جزاه الله خيراً هو وأسلافه ممن تسنموا دفة قيادة التجارة والصناعة في وطننا حرسه الله ورعاه ووفق قيادتنا لما يحبه ويرضاه.