مدينة المعرفة.. واستقطاب الكفاءات
الثلاثاء / 26 / ذو الحجة / 1437 هـ - 21:15 - الثلاثاء 27 سبتمبر 2016 21:15
كان أحد أعضاء مجلس الشورى قد تقدم باقتراح مفاده أن تقوم الدولة «باستقطاب عدد من العلماء والباحثين المسلمين حول العالم ومنحهم الجنسية أو الإقامة الدائمة وتسكينهم بالمدينة المنورة للعمل في مدينة المعرفة الاقتصادية كونهم سيشكلون ثروة علمية واقتصادية للبلاد، خاصة وأن هناك العديد من المتخصصين في المجالات العلمية يرغبون بالعمل في المدينة المنورة والعيش فيها بقية حياتهم». جاء ذلك في جريدة الحياة يوم الخميس الماضي.
وفي لقاء تلفزيوني حول الموضوع أوضح الدكتور هاني خاشقجي صاحب الاقتراح بأن السبب الرئيس وراء اقتراحه هذا هو تفعيل دور مدينة المعرفة الاقتصادية بالمدينة المنورة كونها تحولت من مشروع علمي ثقافي اقتصادي إلى مشروع عقاري بحت بفنادقها وعمائرها وأراضيها وعمليات البيع والشراء والتشغيل التجاري العقاري الذي يهيمن على المشروع، مبينا أن هناك علماء مسلمين يحلمون بالعيش في المدينة المنورة يمكن استقطابهم لتفعيل الدور العلمي البحثي لمشروع مدينة المعرفة هناك.
وفي مشاركتي في ذلك اللقاء التلفزيوني أوضحت أنني مع استقطاب الكفاءات العلمية في هذا البلد، تماما كما هو الحال مع استقطاب جميع الكفاءات والمبدعين والمتميزين في كل المجالات ولكن بدون حصر ذلك في المسلمين منهم فقط أو في أن يكون للعمل في المدينة المنورة تحديدا. فالكفاءات العلمية والعملية في شتى المجالات من شأنها أن تثري المجالات المتخصصة بها في هذا البلد سواء كانت كفاءات مسلمة أو غير مسلمة، وحصر الاستقطاب في المسلمين فقط من شأنه تحجير واسع كان سيحقق الكثير لولا حصره وتضييقه، خاصة وأننا نعيش في قرية كونية ونتعامل مع جنسيات مختلفة تدين بمختلف الأديان وتعتنق شتى المذاهب والملل والنحل، سواء ممن يفدون للعمل هنا في هذا البلد أو ممن نتعامل معهم هناك في بلدانهم ببعثاتنا وعلاقاتنا الدولية وتعاملاتنا التجارية.
كما أن استقطاب المبدعين والمتميزين والمتفردين من شأنه أن يثري البلد ويسهم في تطورها وتقدمها ليس بتواجدهم حصرا في المدينة المنورة وإنما في أي مركز علمي ومنشأة حكومية ومؤسسة خاصة في أي مدينة وقرية من مدن وقرى المملكة. ما نريده هو متميز مبدع لا نحقق له فقط ما يريد، وإنما ليحقق لنا أيضا ما نريد، وإلا فما قيمة استقطابه والسعي خلفه وإغرائه بالقدوم والعمل لدينا؟ لا نريد فقط من يأتينا ليحظى بامتيازات ويحقق أمنيات، وإنما ليسهم في تميز ويحقق تنمية.
الاستقطاب ضرورة حققت بها أكثر الدول تقدما وتطورا حضارتها ونهضتها وإنجازاتها، لكن التنوع أيضا ضرورة ومن شأنه أن يثري البلد ويسهم بالنهضة والتطور والتقدم المرجو لهذا البلد. ولئن كان الاستقطاب إثراء، فالتنوع ثراء لبلد شرفت بأن قلت فيه بمناسبة يومه الوطني الأغر الأسبوع الماضي:
ما كل نبع زمزم
ولا كل بيت قِبلة أنام
هذي وحيدة ديرتي
بين الأمم ذروة وسنام
nmjuhani@makkahnp.com