الرأي

لتجسير فجوة ضم مدارس الجاليات إلى مدارس التعليم

مكيون

فاتن محمد حسين
في إطار حرصها الشديد على الارتقاء بالعملية التربوية والتعليمية لأبناء الجاليات، وبناء على توجيهات أمير المنطقة مستشار خادم الحرمين الشريفين الأمير خالد الفيصل بعدم إبقاء أي مدرسة تحت أي هيئة أو مؤسسة خاصة، فقد قامت إدارة التعليم بمكة المكرمة بجهود حثيثة منذ أكثر من عامين بتحسين أوضاع أبناء الجاليات وضمهم إلى مدارس التعليم العام، حيث تم ضم مئات الآلاف من الطلاب والطالبات في كافة المراحل التعليمية. وفي هذا العام واستكمالا لبرامجها التطويرية قامت الإدارة مشكورة بإخلاء مباني قرابة 48 مدرسة للجاليات وضمها إلى مدارس حكومية في فترات المساء - وفقا لما صرح به مدير إدارة الإعلام التربوي بتعليم مكة المكرمة طلال الردادي للمدينة الأربعاء 20 /09/2016 - حيث قال «إن الإدارة انتهت هذا العام من عملية تصحيح تلك المدارس وأصبحت نظامية وتحت إشراف التعليم العام لأول مرة بعد أن كانت تشرف عليها جمعيات ومؤسسات خيرية.. وكانت متواجدة في مواقع عشوائية». وحقيقة تشكر الإدارة العامة للتعليم على هذه الجهود الجبارة في توفير التعليم النظامي لهذه الفئات، وخاصة أبناء الجالية البرماوية الذين اضطرتهم ظروفهم للفرار بدينهم من الاضطهاد العرقي في بورما. ولكن ما بثته بعض الصحف الالكترونية يجعلنا في حيرة من أمرنا! فقد أكدت صحيفة سبق في تقرير بعنوان (مدارس الجاليات.. روائح كريهة وتحرش في بيئة تفتقر لأدنى وسائل السلامة) معاناة رحلة المعلمين والمعلمات فوق 500 قدم في جبل النكاسة، وسوء الطريق المؤدي إلى المدارس. وتم وضع صور للنفايات المتكدسة ومياه الصرف الصحي التي تنساب من الطرقات، وصور المدارس وعدم صلاحيتها كبيئة تعليمية، لعدم توفر وسائل السلامة فيها، وهي التي كان يقنطها المغلوبون على أمرهم منذ عشرات السنين. لم يرض المعلمون والمعلمات السعوديون الدوام فيها ليوم واحد، وهددوا بأن لم تقم إدارة التعليم بنقلهم فسوف يحصلون على إجازات استثنائية وغيرها! علما بأن هؤلاء المعلمين والمعلمات هم الذين تم نقلهم في حركة النقل الخارجي مؤخرا، وكأن واقع حالهم يقول «من حفرة لدحديره يا قلبي لا تحزن». وإذا انتقلنا إلى جانب آخر لا يقل أهمية، وهو وضع المعلمين والمعلمات الذين كانوا يدّرسون في تلك المدارس، وحل السعوديون والسعوديات مكانهم - فنرى أنه تمت إقالتهم - وبدون أي إخطار سابق - منذ اليوم الأول للدراسة مع إن كثيرا منهم لا تقل خبرته في تلك المدارس عن 15 ـ 20 سنة، مما سبب لهم ألما نفسيا وجرحا غائرا لكرامتهم، وكان من الأجدر أن يتم إخطارهم قبل وقت كاف ليبحثوا عن وظائف ملائمة! وحتى من تم أخذهم من المديرين والمديرات - والذين تم تحويلهم إلى أعمال إرشادية - فلهم معاناة أخرى. وقد اشتكت بعض المديرات من تخفيض رواتبهن عما كانت عليه سابقا، كما أنهن لم يتسلمن رواتب أشهر الإجازة حتى الآن! وأما مشكلات الطالبات فتتلخص في بعد المدارس عن مقار سكنهن، وأن أغلب الطالبات يردن الانسحاب حاليا لبعد المدرسة عن مقارهن.. حيث تم فقط توفير مواصلات لعدد قليل منهن، مما أدى إلى رفض أولياء الأمور إيصال بناتهم لقلة الحيلة لديهم. فإذا أضفنا إلى تلك المشكلات معاناة من نوع آخر، وهي التعامل مع هذه الفئات الوافدة أو المقيمة في بلادنا؛ فلا زالت النظرة الدونية - إن لم أقل العنصرية، للأسف - هي السائدة من الكثير منا، وخاصة في هذه المدارس المدمجة لأدركنا عمق المعاناة لهذه الفئات. ويمكن إجمال الفجوة في الضم إلى تسرب الكثير من الطلاب والطالبات من أبناء الجالية البرماوية من التعليم بالأعداد مقارنة بالسنوات السابقة لبعد المدارس الجديدة، وعدم مراعاة السكن، وكذلك للدوام المسائي الذي لم يناسب الطالبات بسبب اضطرارهن لترك حلقات تحفيظ القرآن الكريم. وكل هذه المعطيات تجدد العودة إلى الفراغ من هذه الفئات وما يتبعه من مفاسد على المجتمع. المطلوب من الجهات المسؤولة عن تعليم الجاليات متابعة الأعداد مع وضع تصنيف ملائم للسكن، وحسن توزيعهم على المدارس، وكذلك دراسة المشكلات التربوية والاجتماعية، مع رصد الاحتياجات الأساسية من مكاتب وأثاث، حيث لا زال بعض الطلاب يجلسون على الأرض في الفصول. وأخيرا لا بد أن نقول شكرا لمن قدم وأعطى، فنقدم شهادات شكر وتقدير للمعلمين والمعلمات، بل وشهادات خبرة كأقل واجب نحو هؤلاء الذين أفنوا زهرة شبابهم في سبيل خدمة المجتمع.