أميمة الخميس: متأثرة بالليندي وأحاول استنطاق الخرس النسوي
1- كيف ولدت باكورتك الأولى في الوعي ومن كان الداعم لمسيرتك؟
الخميس / 2 / ربيع الثاني / 1436 هـ - 19:15 - الخميس 22 يناير 2015 19:15
1- كيف ولدت باكورتك الأولى في الوعي ومن كان الداعم لمسيرتك؟
حينما تغمس أصابعك في نهر الكتابة، لا تكون قد أضمرت لون السمكة التي ستخرج، أو حددت تماما القوالب التي ستسكب فيها تلك اللواعج والصبوات التي تصطخب داخل رأسك في زمن البدايات، وتكون عصية على التأطير أو التفسير، فتكتفي عندها بتأملها والانصياع لمشيئتها، ولكن مع الوقت تبدأ البراءة تتخلى نوعا ما عن هذه الحالة الفطرية للكتابة، لتصبح مغامرة.
2- يلمس القارئ تأثرك الواضح بأسلوب وطريقة بناء الرواية بـ»إيزابيل الليندي»، ماردك وكيف تصفين رحلتك مع الكتابة الروائية؟
تهمة لا أنفيها وشرف لا أدعيه، فهذه المبدعة الرقيقة القادمة من تشيلي، إيزابيل الليندي لطالما أدهشتني، لكن الكتابة النسوية عموما تمتلك مشتركا يستنطق جميع الصمت والخرس النسوي التاريخي المتواري في الظل ويحوله إلى أسطر مفعمة بالضوء. كما أن للرواية نبضا داخليا يشبه التكون الجنيني، فهناك أطوار ومنازل لا بد أن تمر بها لتصل لتمامها.
3- لماذا اخترت اسم «سجى» للرواية، وما هي قصة الأجيال النسائية في روايتك؟
سجى في اللغة العربية هو سكون الليل وشدة حلكته، وهو ترميز عن المضمر الموارب، عن تلك الفراغات الموجودة في النص التاريخي وتحتاج إلى أن نعيد ملأها بحكايات الصامتين والمهمشين والذين لم يكن لهم حيز فوق خشبة مسرح الدراما الكونية. وأذكر بأنني قلت في لقاء صحفي يوما ما بأن السرد أرض أنثوية، فهي تحكي الحكاية لكي تفهم العالم حولها وتجعله أكثر رأفة بها، تحكي الحكاية كي ينام الصغار وقد عرفوا جزءا من الأسرار، وتحكي الحكاية كي تلتقي بصوتها ووعيها في كتاب التاريخ الذي احتله الذكور بأخبار فتوحاتهم ومعاركهم، وهي أخيرا تحكي الحكاية كعلامات طريق تنثرها على دربها لتعرف من أين أتت وإلى أين تتجه، وفي رواية زيارة سجى حرصت على تعدد الأصوات والرواة، وكنت أريد أن أمرر رسالة مواربة للقارئ أخبره فيه، كم هي الحقيقة هشة ونسبية. والصمت والصوت المنخفض الموارب هو نصيب النساء من الكلام، لذا تسليط الضوء على هذه التجربة من شأنه أن يستعيد المرأة من الهامش إلى النص الرسمي.
4- ما رأيك في تحويل النصوص الأدبية إلى لغة سينمائية؟
يمكن ذلك بكثير من الحذر، لأن الأدب والسينما يتحدثان لغتين مختلفتين، الأولى تعتمد على الصورة وجاذبيتها وسحرها، وهي أكثر استحواذا على العقول تبعا لنظرية بسيطة أنا أشاهد فأصدق، والثانية تعتمد على حقول المخيلة حيث يصبح القارئ طرفا ثالثا مع الأبطال والكاتب، وهناك تجارب ناجحة قرأتها كروايات ولم تفقد جاذبيتها كأفلام كرواية العطر، والحب في زمن الكوليرا، وحياة باي، والأخيرة هي الرواية الأعجوبة التي نالت البوكر وكفيلم جائزة الأوسكار.
5- ما هو مفهوم الما وراء في الرواية أو الميتا فكشن هل لك أن تفسري أكثر؟
أتى هذا المصطلح النقدي في سياق قراءة سعد البازعي لرواية زيارة سجى، حيث أشار إلى أن فن الميتا فكشن هو توظيف الماورائيات، وعوالم الخيال والمخلوقات الخارقة والحوادث العجائبية في النص الأدبي بهدف إضفاء المزيد من السحر والدهشة، والغوص عميقا في طيات الحكاية، وهو تعبير نقدي يقترب من الواقعية السحرية، وأنا أجد أن عوالم الخرافة والسحر والخوارق والغيبيات مكون رئيس في ثقافتنا وأحد أبرز سماته، لذا من المستحيل أن نغض الطرف عنها ونتجاهلها، وعملية توظيفها إبداعيا هو استثمار في ثراء الفلكلور الشعبي لدينا الزاخر بهذا النوع من الحكايات والمعتقدات.
6- كان يتضح انحيازك في رواياتك إلى تصوير مسيرتك العائلية، ما تعليقك؟
لا أستطيع أن أسلم بهذا الانحياز، ودائما الروائي متهم بأن روايته الأولى هي شبه سيرة ذاتية، عندها يصبح الروائي هو الجد الأكبر وينقب القراء عن ملامحه في وجوه أحفاده أو سلالته أو شخصياته، ولا نستطيع أن نسلم بهذه المقولة على الإطلاق، لأننا عندها سوف نلغي الصنعة والخيال والحرفية المهنية، وفن نحت الشخصيات ودفع الأحداث، وحياكة خيوط السرد، قد يكون محيطي أعطاني الإطار العام وبعض التفاصيل، ولكن لا بد ليد الصنعة أن تترك بصمة.
7- برأيك ما هو المأزق الذي يواجه الرواية السردية السعودية، والمعوقات أمام الروائيات؟ وكيف ترين المشهد الثقافي؟
رغم كل المنجز الرائع للرواية السعودية، فأعتقد أننا ما زلنا في مراحل مبكرة لنحدد، ولم نكون تقاليد نقدية، وذائقة أدبية كبرى تمنحها شعبيتها وانتشارها بين جميع فئات القراء، وبالتالي لا بد من تأصيل هذا الفن بين مثلث القارئ والناقد والمبدع نفسه. وقد ظلت النساء مقصيات عن فعل البوح والكشف والكتابة عبر التاريخ، لذا ولوجهن مجلس الرجال الكبير يتطلب نوعا من المشاكسة والرغبة في المغامرة وتحريك الأشياء من أماكنها التقليدية، لا سيما أن المرأة لا تمتلك استقلاليتها وفردانيتها، فهي تترجم دوما كوجه لحزمة من الذكور حولها ومن هنا تبرز التحديات. كما أن هناك عملية حراك وتحولات كبرى ولا سيما مع وجود المؤسسات الثقافية التي تحاول أن تحرك الماء الراكد بين الفينة والأخرى وتقلق ركود الأسئلة، على كل حال لا يمكن مقاربة المشهد الثقافي بمعزل عن بقية العناصر التي تشكل النسيج الاجتماعي من سياسة ودين واقتصاد وإرث تاريخي للمنطقة.
أميمة الخميس:
- - ولدت في الرياض.
- - بكالوريوس لغة عربية - جامعة الملك سعود - 1989
- - دبلوم لغة إنجليزية - جامعة واشنطن - 1992
- - مديرة إدارة الإعلام التربوي في وزارة التربية والتعليم
من مؤلفاتها
قصص قصيرة:
- - والضلع حين استوى 1993
- - مجلس الرجال الكبير 1994
- - أين يذهب هذا الضوء 1996
- - الترياق، تُرجمت للإيطالية 2003
- - زيارة سجى 2013
قصص الأطفال:
- - حكاية قطرة 2005
- - عصفور الحنطة 2008
- - وضحى الفراشة الصحراوية 2009
- - بيت صغير في البراري 2010
- - سارق اللون -لأنك بنت- فراس الأسد الشجاع.