لمسة الاستعجال على البنية التحتية

خلال العقدين الماضيين حدث توسع كبير في كل شيء لدينا، توسع في المدن الكبيرة التي امتدت على مساحات طويلة واستقطبت أعدادا ضخمة من السكان، ونمت قرى في بطن الصحراء وأصبحت تضاهي المدن الكبيرة، سكانا ونموا وبنية تحتية على حد سواء. وحدث توسع في شبكات الطرق بكل أنواعها الثلاثة البرية والبحرية والجوية، وأحدثها سكك الحديد التي بدأ الاتساع بها على غير ما هو معهود من قبل.

خلال العقدين الماضيين حدث توسع كبير في كل شيء لدينا، توسع في المدن الكبيرة التي امتدت على مساحات طويلة واستقطبت أعدادا ضخمة من السكان، ونمت قرى في بطن الصحراء وأصبحت تضاهي المدن الكبيرة، سكانا ونموا وبنية تحتية على حد سواء. وحدث توسع في شبكات الطرق بكل أنواعها الثلاثة البرية والبحرية والجوية، وأحدثها سكك الحديد التي بدأ الاتساع بها على غير ما هو معهود من قبل. ومثل ذلك حدث في مساحة التعليم، ولا سيما العالي منه، فبدلا من سبع جامعات أصبح لدينا أكثر من خمسين جامعة حكومية وأهلية، وصار لدينا أكثر من مئة وخمسين ألف طالب وطالبة منتشرين في جامعات العالم، وهو الأمر الذي يستحق القائمون عليه الشكر، فهؤلاء المبتعثون الذين تحتضنهم جامعات العالم هم الأمل لمستقبل يحمل خبرات وتجارب الدول المتقدمة في التعليم الحديث، الذي يرجى منه تغيير الحاضر إلى مستقبل أفضل، وعليهم سيعتمد الوطن في مستقبله، إن شاء الله، ومع هذا حدث انفجار سكاني كبير يحتاج إلى وقفات وقراءات ليس مكانها هذا المقال. يوازي هذا التوسع والتضخم الهائل في كل ما سبق، صرف هائل من الدولة عليها، وإنفاق ملايين المليارات بشكل لم يسبق له مثيل من قبل، وبسخاء منقطع النظير على المشاريع العامة، التي تؤسس لبنية تحتية للبلاد، نحن بأشد الحاجة إليها، ولا شك أن كل ذلك أملا في خدمة الوطن وأهله، وأملا في مستقبل أفضل للبلاد ومن يعيش على أرضها، من أبنائها والوافدين إليها والزائرين والعمار والحجاج. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل هذه البنية الضخمة التي نراها في بلادنا، ولا شك أننا سعداء برؤيتها ونطلب المزيد منها، هل وضعت لها أسباب الاستمرار والبقاء الطويل؟ وهل اكتملت بها مواصفات الجودة التي تجعل استمرارها الطويل ممكنا، لتخدم الأغراض التي أنشئت من أجلها زمنا طويلا؟ وهل توافرت لها وفيها كل متطلبات الإتقان؟ هذا هو المفروض والمطلوب أيضا حتى يطمئن الناس أن لمشاريعنا من القدرة في أداء وظيفتها ما يوازي المبالغ الضخمة التي صرفت على إنشائها والجهد الكبير الذي بذله المسؤولون عنها. الذي يلاحظه أهل الاختصاص، فيما أنجز منها حتى اليوم، أن لمسة الاستعجال وعدم التأني ظاهرة على مشاريع الحاضر، وهي لا زالت في أيدي منفذيها، وأن ما أنجز منها لا يلبث أن يصاب بمرض الشيخوخة المبكرة، وأن الكثير منها لا تستطيع الصمود أمام عوامل التعرية مدة طويلة، وذلك ما نبأ به شتاء الربيع الماضي، حين كشفت الأمطار التي وقعت في بعض مناطق المملكة، وهي أمطار قليلة بالنسبة لما يمكن أن يحدث في المستقبل، عن وهن وضعف في الكثير منها، ونبهت إلى ما يمكن تداركه منذ اليوم، حيث لا تزال أكثر هذه المشاريع في أيدي الشركات المنفذة لها، ويمكن تدارك ما نقص وإكماله.

marzooq.t@makkahnp.com