علمني حبك.. سيدتي

بينما كان قرص الشمس يقترب من وجنة البحر ليختطف قبلة، سألت منى زوجها الذي بدا كقطعة صخر: هل تحبني؟ فأجاب سريعاً دون أن يكلف نفسه عناء النظر إليها، طبعاً أحبك، لم يمر السؤال سريعاً بل أنهك تفكيره وهو يسترجعه، ثم سأل نفسه: صحيح، هل أحبها؟ وكانت الإجابة غريبة كغربة مشاعره، لا أعلم

بينما كان قرص الشمس يقترب من وجنة البحر ليختطف قبلة، سألت منى زوجها الذي بدا كقطعة صخر: هل تحبني؟ فأجاب سريعاً دون أن يكلف نفسه عناء النظر إليها، طبعاً أحبك، لم يمر السؤال سريعاً بل أنهك تفكيره وهو يسترجعه، ثم سأل نفسه: صحيح، هل أحبها؟ وكانت الإجابة غريبة كغربة مشاعره، لا أعلم.البعض لا يستطيع قراءة قصة أو كتابة رسالة فيسمّى أميّاً، لكن الأمية لا تقتصر على التعرف على أشكال الحروف والكلمات، فهي الجهل بالشيء، وأقسى أنواعها جهلنا بمشاعرنا وأحاسيسنا فلا ندرك ماهيتها ونعجز عن ترجمتها لكلمات نسكبها في سمع من نحب، وهي ما تسمى بالأمية العاطفية.ظهر مصطلح الأمية العاطفية للمرة الأولى في سبعينات القرن الماضي، وهو كما يتضح من اسمه يدل على جهل الشخص بمشاعره وعدم القدرة على التعبير عنها، كما يشمل الجهل بإدراك مشاعر الآخرين والتعامل معهم. وعادة ما تؤدي هذه الأمية إلى علاقات اجتماعية هشة ينعدم فيها التفاهم ويقل فيها التعاطف. ساعد على ذلك نمط الحياة المتسارع والانشغال الدائم على تعزيز الماديات في حياتنا، وفي غمرة هذا الانهماك غفلنا عن النظر لداخلنا، وبدلاً من إشباع مشاعر الحب والغضب والندم، تركنا هذه المشاعر تموت مكبوته وتدفن حيث ولدت. فكيف نتعلم العاطفة إذاً؟مع خطواته الأولى يتعلم الطفل التعبير عن عاطفته، (أحب بابا، ما أحب خالد، أنا زعلان) وهنا يجب على الوالدين تشجيعه على ذلك وليس إسكاته بعذر العيب، ويمكن التغلب على ذلك بالتحدث مع الطفل بانفراد وحرية، مما يولد لديه القدرة على معرفة حقيقة مشاعره والطريقة الصحيحة للتعبير عنها، وإن كنت ممن يعانون من الأمية العاطفية يمكنك البدء بجلسات مماثلة مع نفسك أو مع شخص مقرب لديك، علماً بأن الطريقة المثلى هي التعامل مع أخصائي خبير في هذا الموضوع.للأسف الشديد ليس هناك مدارس ليلية لمحو الأمية العاطفية لمن يعاني منها كـ»زوج منى»، مدرسة الحب الوحيدة كانت في قصيدة لنزار قباني غناها كاظم الساهر، لكن للأسف أوجز ما تعلمه في هذه المدرسة قوله: (علمني حبك.. سيدتي.. أسوأ عادات).