زيادة «المناطق الإدارية»: حان وقت التصحيح

منذ أكثر من سبع سنوات كتبت مقالا اقترحت فيه زيادة عدد المناطق الإدارية بالمملكة إلى تسع وعشرين منطقة، أي بزيادة ست عشرة منطقة عما هو موجود الآن، فقال لي مسؤول كبير في الدولة إن المشروع في مراحله النهائية، لكن العدد أقل، وحسبما أتذكر أنه قال ستكون إحدى وعشرين منطقة.

منذ أكثر من سبع سنوات كتبت مقالا اقترحت فيه زيادة عدد المناطق الإدارية بالمملكة إلى تسع وعشرين منطقة، أي بزيادة ست عشرة منطقة عما هو موجود الآن، فقال لي مسؤول كبير في الدولة إن المشروع في مراحله النهائية، لكن العدد أقل، وحسبما أتذكر أنه قال ستكون إحدى وعشرين منطقة. ومرت السنوات دون أن يحدث شيء، على الرغم من أهمية ذلك على مستويات عدة، أهمها التنمية المتوازنة المستدامة التي تسعى المملكة إلى تحقيقها، والمأمول أن يتحقق ذلك سريعا، لا سيما إذا كان الأمر قد تمت دراسته. إن الاتساع الجغرافي الهائل لبعض مناطق المملكة، يحتم تجزئتها إلى مناطق إدارية عديدة، ولو أخذنا منطقة مكة المكرمة - مثلا - لوجدنا أن جغرافيتها ومساحتها الضخمة، وعدد سكانها، يؤهلها لأن تكون أربع مناطق إدارية، حيث مدنها الرئيسية الثلاث (مكة، وجدة، والطائف) يمكن أن يكون كل منها منطقة إدارية نظرا لكثرة المحافظات والمراكز التي تتبع كلا منها فضلا عن ضخامة المدن نفسها وكثرة عدد سكان كل منها، فإذا أضفنا لذلك محافظات الساحل (الليث، القنفذة، المظيلف، العرضيتين الشمالية والجنوبية، والمخواة وغيرها) لوجدنا أنها تستحق بجدارة أن تكون منطقة إدارية مستقلة، وعلى ذلك فقس المناطق الكبيرة حاليا مثل منطقة الرياض التي يمكن تحويلها إلى أربع مناطق، وهناك محافظات كثيرة تستحق أن تكون مناطق إدارية، منها على سبيل المثال لا الحصر (الأحساء وحفر الباطن وبيشة ومحايل عسير وضبا ومحافظات أخرى في الشمال والجنوب والقصيم والمدينة المنورة وغيرها). إن التوسع في عدد المناطق الإدارية سيفضي إلى إنشاء إدارات عامة مستقلة لكافة وزارات الدولة الخدمية، مع محدودية نطاق المسؤولية، وهذا سيحقق فوائد جمة على كل مستويات التنمية والخدمات الصحية والاجتماعية والاقتصادية والتعليمية وغيرها، تبعا للتخلص من وطأة المركزية وتعقيداتها، والبيروقراطية ومنعرجاتها، وستتمكن كل منطقة من تحديد احتياجاتها الحالية والمستقبلية بدقة ووضوح أكبر مما هو متحقق الآن، فإذا تصورنا أن ميزانية الدولة تحولت إلى ميزانية مناطق فيما يتعلق بالمشروعات الجديدة التي يحددها مجلس كل منطقة فإن النتائج في تصوري ستكون مبهرة، على مستوى الإنجاز وعلى مستوى الترشيد في الصرف المالي. لقد كانت المملكة في بدايات تأسيسها تتكون من خمس مقاطعات، ومع تزايد عدد السكان وتضخم المدن أخذت بنظام المناطق الإدارية حيث قسمت إلى ثلاث عشرة منطقة، والآن مر على هذا التقسيم بضعة عقود، حصل خلالها تحول قرى إلى بلدات، وتحولت بلدات كثيرة إلى مدن كبيرة، وتبعا للنمو السكاني والعمراني السريعين، أصبح من الضروري مواكبة ذلك بالتوسع في عدد المناطق الإدارية، حيث لا يوجد مانع من ذلك طالما الهدف المزيد من دقة التنظيم، وتلافي سلبيات التنمية خاصة في مناطق الأطراف، وتحقيق المزيد من التنمية لكافة المناطق بتوازن، وإضافة إلى كل ذلك فإن هذا التوسع سيتيح الفرصة لفض التداخل الجغرافي بين مختلف المناطق، وهو تداخل فرضته ظروف تحديد المناطق الإدارية الحالية في وقت سابق، وحان الوقت لتصحيحه.