وزارة النادي السعودي!
السبت / 23 / ذو الحجة / 1437 هـ - 19:45 - السبت 24 سبتمبر 2016 19:45
يعرف التطوع بأنه الجهد الذي يبذله الشخص للخدمة دون انتظار مقابل، للإسهام في تحمل مسؤولية المؤسسة التي تقدم الخدمات الاجتماعية؛ أربع سنوات قضيتها في خدمة أبناء الوطن في الولايات المتحدة الأمريكية من خلال الأندية السعودية بإشراف الملحقية الثقافية. ومن هنا أحببت بث تجربتي في مجال العمل التطوعي ومواجهة المشاكل الإدارية التي تمر بها كل منظومة.
أول أيامي في الولايات المتحدة الأمريكية كانت أشبه بالتيه في بحر، وكأن الأمواج تقذف بي بعيدا عن الشاطئ، وكادت أن تغير وجهتي للعودة إلى أرض الوطن، في لحظتها تذكرت الشاب الذي ساعدني في تلك اللحظات للوصول إلى شاطئ الأمان وبداية المسيرة التي قدمت من أجلها. ومنذ ذلك الوقت قطعت عهدا على نفسي بتقديم المساعدة إلى من يحتاجها، وانطلقت لبداية مشواري الدراسي، وبدأت بالتواصل مع القادمين الجدد عبر منتدى الكتروني، إلى أن أسسنا النادي السعودي بهدف تنظيم العمل لمساعدة الطلاب بشكل منظم، وفي عام 2012م كانت بداية رحلتي مع الأندية الطلابية، حينها اكتشفت أن التطوع بكل ما تعنيه هذه الكلمة كان مصطلحا جديدا على الأغلبية؛ إلا أنه أخذ مسارا جديدا في الأندية غير الذي عهدناه في بداية انطلاقها.
مفهوم خدمة الطلاب انتقل من تكليف إلى تشريف، ومن تطوع إلى رئاسة! نعم سيدي القارئ تجزأ المفهوم إلى قسمين؛ فريق بدأ العمل التطوعي لوجه الله والآخر أخذه من مفهوم لا يمت للتطوع بصلة، مترتب كليا على جملة «أنا الرئيس»، وكأن النادي السعودي أصبح (وزارة) يقتتل البعض فيها للوصول إلى المنصب الوزاري المذكور.
رأيت خلال هذه الرحلة العجب العجاب وخلاف الأصحاب وأكثر من ذلك في سبيل تحقيق الرغبة الجامحة في الوصول إلى «المنصب العظيم»، وما ترتب عليه من خيام الانتخابات والمنتخبين وولائم ودعوة أصدقاء مقربين وحاشية أشبه بالحلفاء للدعم والمساندة لكسب واجهة ومنصب اجتماعي مرموق يسمى «رئيس النادي»، مشاهد كثيرة من خسارة أصدقاء ونكران للجميل للوصول للإدارة العليا في المنظومة التطوعية التي بنيت على أساس العمل التطوعي الجماعي لتشريف المملكة العربية السعودية.
وكوني خائضا للتجربة فأنا أتحدث من باب الخبرة وليس مجرد سرد لوقائع. تغيير مسار الهدف من التطوع إلى حب الإدارة والسلطة قد يتسبب في مشكلة داخلية في المنظمات التطوعية الصغيرة، كونها تحتاج العمل الجماعي كيد واحدة والبعد كل البعد عن تمكين شخصية «المدير» من العمل مع الفريق التطوعي، لأنه سيعمل بأسلوب الأوامر غير المقبول.
التطوع فرصة جميلة خلقت من أجل التعاون وتقديم الخدمة لوجه الله، فمتى ما سمحت لك الفرصة استثمرها بالطريقة الصحيحة التي تكسبك الأجر ومحبة الناس بتقديم المساعدة دون انتظار المقابل، وشخصية القائد مطلوبة جدا وبكل المهارات المرتبطة بالقيادة.. القيادة فقط لا غير!
أعلم جيدا أني رأيت بأم عيني أن من يسعى لكسب منصب في الأعمال التطوعية سيبتعد عنه بكل تأكيد وسيراه مثل السراب الذي يتشكل على هيئة ماء في عين المتعطش إليه، «كل ما اقترب منه ابتعد»!