التجربة النرويجية بين اقتصاد النفط ومستقبل الأجيال

مملكة النرويج من الدول الإسكندنافية وتقع أقصى شمال غرب أوروبا، يسكنها 5 ملايين نسمة، يشكل المواطنون نحو 86% من سكانها، وهي واحدة من أعلى مستويات المعيشة في العالم بسبب الكمية الكبيرة من الموارد الطبيعية مقارنة بحجم السكان، ويتمتع النرويجيون بثاني أعلى ناتج محلي إجمالي للفرد الواحد في العالم، وتؤمن الدولة خدمات مجانية للشعب مثل الرعاية الصحية والتعليم، كما يحصل الوالدان على إجازة أمومة لمدة 12 شهراً مدفوعة الأجر

مملكة النرويج من الدول الإسكندنافية وتقع أقصى شمال غرب أوروبا، يسكنها 5 ملايين نسمة، يشكل المواطنون نحو 86% من سكانها، وهي واحدة من أعلى مستويات المعيشة في العالم بسبب الكمية الكبيرة من الموارد الطبيعية مقارنة بحجم السكان، ويتمتع النرويجيون بثاني أعلى ناتج محلي إجمالي للفرد الواحد في العالم، وتؤمن الدولة خدمات مجانية للشعب مثل الرعاية الصحية والتعليم، كما يحصل الوالدان على إجازة أمومة لمدة 12 شهراً مدفوعة الأجر. حافظت النرويج على المرتبة الأولى عالمياً في مؤشر التنمية البشرية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) على مدى ست سنوات متتالية، وصنّفت من أكثر البلدان (سلميّة) في العالم من قبل مؤشر السلام العالمي، وهي من أكبر المساهمين مالياً في الأمم المتحدة. وتعتبر ثاني أكبر مصدّر للمأكولات البحرية بعد الصين. وفي أعقاب الأزمة المالية العالمية اعتبر المصرفيون الـ»كرونة» النرويجية إحدى أكثر العملات ثباتاً في العالم. تكلفة المعيشة فيها أعلى بحوالي 30% مما هي عليه في الولايات المتحدة. وما زالت النرويج خارج منظومة الاتحاد الأوروبي بسبب عدم رغبة الشعب في الانضمام، ومع ذلك فإنها عضو في السوق الأوروبية الموحدة. النرويج هي خامس أكبر مصدر للنفط، وثالث أكبر مصدر للغاز في العالم، ولكنها ليست عضواً في منظمة أوبك، ومع أنها دولة نفطية فإنها لم تعتمد عليه لتمويل ميزانيتها، وأبقت إيراداته في صندوق لا تأخذ منه إلا ما يعادل 4% سنوياً لدعم الميزانية والباقي يستثمر للأجيال المقبلة، وركزت خطط التنمية النرويجية على التعليم والتقنية والتنمية الصناعية، وكانت نتيجة تلك السياسات الاقتصادية أن انخفض اعتماد وتأثر الاقتصاد النرويجي بتقلبات أسعار النفط وضُبط التضخم وتكوّن احتياطي نقدي كبير في صندوق النفط، وتحسّن مستوى القدرات البشرية، وتطّور القطاع الصناعي، وتكوّن قطاع خاص منتج ومنافس. عام 1969 اكتشفت أول مصادر نفطية في النرويج، ولكن لم يوفر إنتاج النفط دخلاً صافياً حتى أوائل عقد الثمانينات من القرن العشرين، ومنذ التسعينات طرح سؤال بين السياسيين حول: كم من إيرادات النفط يجب أن تنفق الحكومة وكم ينبغي أن تدخر؟ ولذا أنشأت الحكومة النرويجية عام 1995 صندوق الثروة السيادية (صندوق معاشات التقاعد الحكومي) والذي يموّل من عائدات النفط، وخلال النصف الأول من عام 2007 أصبح الصندوق الأكبر في أوروبا بأصول تبلغ نحو 300 مليار دولار. وتشير التوقعات إلى أنه يمكن أن يصبح أكبر صندوق رأسمال في العالم، فقد يصل إلى 900 مليار دولار بحلول عام 2017، وحالياً هو ثاني أكبر صندوق ثروة سيادي مملوك لدولة (خلف جهاز أبوظبي للاستثمار)، التجربة النرويجية جديرة بالاهتمام والدراسة ومحاولة الاستفادة منها.

hamza.m@makkahnp.com