الرأي

التنكيت على المعلمين

حسن الشمراني
ما بين عشية وضحاها أصبح المعلم مادة دسمة لكل صناع النكتة، بل قد تصدر قائمة النكت والسخرية في فترة وجيزة، فمن كان يتابع منكم وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة «قروبات الواتساب» خلال الأشهر القليلة الماضية سيلاحظ ذلك الكم الهائل من المقاطع الطريفة والنكات الساخرة التي تدور جلها حول المعلمين وتتناول طبيعة حياتهم خلال الإجازة بشيء من السخرية والاستهزاء. وعندما ننظر إلى هذا الهجوم التنكيتي - إن صح التعبير - على فئة المعلمين فإننا قد لا نجد له أي مبرر سوى العمل على تحطيم هذه القدوة والحط من قدر المعلم، فمعلوم أن النكتة السلبية أو الطرفة الساخرة تعمل وبشكل تدريجي على تحطيم الكاريزما الخاصة بالشخص موضع التنكيت، وهذا هو ما يهدف إليه أولئك الذين يمارسون التنكيت على المعلمين. وبطبيعة الحال فالنكتة تعد أُسلوبا من أساليب الدعاية السلبية لما لها من أثر كبير في الرأي العام، فقط يحدث أحيانا أن يكون لبعض النكات تأثير في الرأي العام أكبر وأعمق من تأثير المقالات الصحفية والأحاديث الإذاعية والتلفزيونية، وقد تعمل النكتة على تعزيز مبدأ القلوبة والتنميط، وذلك عن طريق تقديم المعلم كإنسان كسول وغير مهتم، لا يبحث إلا عن الإجازات والترفيه ليمارس الخمول والاسترخاء، ومع تكرار هذه الصورة النمطية السلبية عبر النكتة يصبح الأمر مرتبطا في أذهان الرأي العام بهذه الصفات السلبية التي تستبطنها تلك الصورة، ومتى ما تم تثبيت هذه الصور السلبية عن المعلم فإن تحطيمه كقدوة وكمرب للأجيال القادمة سيصبح أسهل وأقل كلفة، وهو الهدف النهائي الذي يسعى إليه صانعو هذه النكات، سواء علموا ذلك أم لم يعلموا! وحينها سيأنف الطلاب من اتخاذ معلميهم كقدوة أو كمثل أعلى لهم، وسيذهبون للبحث عن قدوات أخرى، سواء كان ذلك داخل محيطهم الاجتماعي أو في المجتمعات الأخرى، ولك أن تتخيل عزيزي القارئ عمق الأثر لهذه النكات وفداحة النتيجة على أبنائنا الطلاب وعلى الأجيال التعليمية القادمة.