المياه تسبق الموارد الطبيعية في أسباب الصراعات العالمية
ربما لا يعرف البعض في العالم العربي أن المياه ومن بعدها الموارد الطبيعية هي السبب وراء المنافسة الجيوسياسية الدولية المحتدمة، وأنها وفقا للعديد من التقارير أصبحت أحد أهم محركات الصراع في العالم
الثلاثاء / 22 / جمادى الآخرة / 1435 هـ - 00:30 - الثلاثاء 22 أبريل 2014 00:30
ربما لا يعرف البعض في العالم العربي أن المياه ومن بعدها الموارد الطبيعية هي السبب وراء المنافسة الجيوسياسية الدولية المحتدمة، وأنها وفقا للعديد من التقارير أصبحت أحد أهم محركات الصراع في العالم. المفاجأة هي أن حروب المياه والزيادة الكبيرة في الطلب عليها لا يحركها، كما يقول براهما تشيلاني أستاذ الدراسات الاستراتيجية في مركز بحوث السياسات في نيودلهي، النمو الاقتصادي والديموغرافي أو الإنتاج الإضافي من الطاقة والتصنيع والغذاء لتلبية مستويات الاستهلاك المتزايدة فحسب، بل تدفعها أيضا حقيقة مفادها أن سكان العالم أصبحوا أكثر بدانة.
زيادة كتلة الجسم البشري تضغط على موارد الأرض
في النصف الثاني من القرن العشرين بدأ الاهتمام بمؤشر البدانة في العالم من زاويتين: الصحة العامة، ونقص الموارد. وخلصت معظم الأبحاث والدراسات العلمية إلى أن المواطنين الأثقل وزنا يفرضون ضغوطا أكبر على الموارد الطبيعية، لا سيما المياه والطاقة، ومن ثم فإن المعضلة التي تواجه العالم ليست في عدد الأفواه الواجب إطعامها فحسب، وإنما كمية الدهون الزائدة أيضا في الأجساد التي تعيش على كوكب الأرض! وحسب أحدث الدراسات التي نشرت في المجلة البريطانية إم بي سي للصحة العامة: إذا كان متوسط مؤشر كتلة الجسم في بقية بلدان العالم مماثلا لنظيره في الولايات المتحدة، فإن هذا سوف يعادل إضافة نحو مليار نسمة إلى عدد سكان العالم من البشر على كوكب الأرض، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم مشكلة نقص المياه.
المياه العامل الخفي وراء الثورات والحروب
في لمحة من لمحات تشيلاني الذكية، إشارة إلى أن ثورات ما يعرف بالربيع الربيع التي اجتاحت دول شمال أفريقيا وفي مقدمتها «مصر» عام 2011، كانت تدور في إحدى صورها حول المياه، وبمعني أكثر تحديدا نتيجة لارتفاع أسعار الغذاء الناجمة عن أزمة المياه العذبة والنظيفة الكافية للأراضي الزراعية. وهو أمر لم يلتفت إليه أحد رغم أن شعار الثورة الأول :عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية. الأهم من ذلك هو تزامن حدوث الثورة المصرية مع تصاعد مشكلة سد النهضة في إثيوبيا، حيث تخوض مصر وإثيوبيا حرب المياه الصامتة منذ فترة. وبناء إثيوبيا لسد على النيل الأزرق أثار تهديدات مصرية بشن عمليات عسكرية انتقامية . وتلك ليست المشكلة الأولى التي تواجه مصر فقد كانت المياه هي العامل الرئيس في حرب الأيام الستة مع إسرائيل في 1967 وانتهت بسيطرة الأخيرة على منابع نهر الأردن.
أرقام وحقائق حول أزمة المياه المقبل عليها العالم
في كتاب تشيلاني المعنون: المياه، السلام، والحرب: مواجهة أزمة المياه العالمية، الصادر في 2013 العديد من الأرقام والمفارقات والحقائق المهمة، منها:
1- لا توجد بدائل للمياه مثل الموارد الطبيعية الأخرى، ورغم أن المياه مورد متجدد ولكنه محدود، حيث إن قدرة الطبيعة على تجديد المياه ثابتة، والمياه العذبة القابلة للاستخدام على مستوى العالم محدودة بنحو 200 ألف كيلو متر مكعب، ولكن عدد البشر تضاعف تقريبا منذ 1970.
2- خمس البشر يفتقد المياه الصالحة للشرب والمتاحة بسهولة، وأكثر من نصف سكان العالم في الوقت الراهن يعيش تحت خط الفقر المائي.
3- عدد الناس الذين يمتلكون هواتف محمولة أكبر من الذين يمكنهم الوصول إلى خدمات المياه والصرف الصحي.
4- سجلت الأمم المتحدة 37 حالة من حالات اندلاع الحروب والعنف ذات الصلة بالمياه بين الدول (وداخلها) منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
5- أبرز الصراعات: إسرائيل والعالم العربي 1967 والهند وباكستان 1965 والصراع الدموي في «دارفور» بالسودان، ناهيك عن النزاعات التي شهدتها الولايات المتحدة وإسبانيا وأستراليا في السابق.
6- من المحتمل ظهور ما يعرف بـ»لاجئي المياه» بعد عقد واحد من الآن، ويتوقع وصول العدد إلى مائة مليون لاجئ قبل حلول منتصف القرن!
7- حق الإنسان في الحصول على المياه والصرف الصحي، هو أحد حقوق الإنسان الأساسية كما جاء في قرار الأمم المتحدة أغسطس 2010، حيث يتم الاحتفال باليوم العالمي للمياه في 22 مارس من كل عام.
8- أحدث تقرير مشترك من قبل هيئات استخباراتية أمريكية حذر من أن استخدام المياه كسلاح أو أداة للإرهاب قد يصبح أكثر احتمالا في العقد القادم، ما وضع مشكلة المياه على أولويات السياسة الخارجية والمصالح المركزية الأمريكية.
9- مجلس العمل المشترك الذي يتألف من أكثر من ثلاثين رئيسا سابقا من رؤساء الدول دعا مؤخرا إلى اتخاذ تدابير عاجلة لمنع بعض البلدان التي تعاني من نقص شديد في المياه من التحول إلى دول فاشلة.