الرأي

جائزة الدولة التقديرية.. واليوم الوطني!

أحمد الهلالي
غدا يوافق الذكرى السادسة والثمانين لليوم الوطني السعودي، هذه الذكرى الغالية على قلوب أبناء أرضنا المباركة والمقيمين عليها، الغالية على قلوب العرب والمسلمين في شتى أنحاء الأرض؛ فبلادنا قبلة المسلمين أجمعين باحتضانها المقدسات، وقبلة العرب باعتبارها محضن العرب تاريخا وحضارة، وقائد توحدهم والذود عن هويتهم في العصر الحديث، وهي أيضا مخزن خمس طاقة الكون، وأمنها واستقرارها مطلب عالمي. حين تحل هذه الذكرى الغالية، يكون لها وقعها الأثير في القلوب، فنستذكر التاريخ بصفحته السوداء في حكايا الأجداد ومعاناتهم قبل وحدتنا، فنحمد الله على الوحدة والاستقرار ورغد العيش المتحقق، فنجمع ماء الماضي على الحاضر في كأس همتنا، ونصعد إلى نخلة المستقبل الباسقة نسقيها ماء أرواحنا، ونعتني بها لغد أفضل. أعلنت الدولة رؤية 2030، وهذه أول ذكرى لليوم الوطني بعد الإعلان، تلفتنا إلى وجوب تغيير رؤيتنا لذكرى اليوم الوطني، وأن يكون نقطة نحتكم إليها جميعا في تقدم رؤية 2030 أولا بأول، فاليوم الوطني ليس للاحتفال فقط، والأغاني الوطنية والمشاركات الشعرية والخطابات الرنانة وتعليق الرايات والصور المعبرة في الشوارع والمجمعات الحكومية والخاصة والمواقع الالكترونية، وليس للدوران في الشوارع بالأغاني الوطنية والرقص، و(نحمد الله جت على ما تمنى)، بل يجب أن يتحول في الرؤية إلى شيء آخر أكثر عمقا ومسؤولية. كتبت سابقا وأعيد، أن اليوم الوطني يجب أن يكون (يوم حساب) للمسؤول والجهات والمواطن، يوم عرض المنجزات، وإحصاء النتائج، وعرض مؤشرات التقدم على كل الصعد، وفتح الهمم على المشاكل والعوائق والنقاط السوداء في تنميتنا إنسانا ومكانا، فبلادنا نامية، والنماء تحرك إلى أعلى، وكلنا بحاجة إلى مراقبة حركة النماء؛ ليكون همنا جميعا دون استثناء، لا ينفصل فيه المسؤول عن الجهات ولا عن المواطن، فالحاجة ملحة إلى استعراض مسيرة العام المنصرم، بإيجابياته وسلبياته، فعلى سبيل التمثيل نحن جميعا ـ وليس الباحثون فقط ـ بحاجة إلى معرفة ومناقشة إحصاءات في المخترعات والكشوفات العلمية، وعدد الخريجين ومستوياتهم، وشهداء الواجب من الجيش والأمن وغيرها، وعدد المبتعثين والعائدين، وحركة مؤشرات البطالة، والسياحة، والصناعة والاقتصاد والصحة والأمن والتعليم والإعلام والسياسة والرياضة، وغيرها من الإحصاءات السنوية المهمة. نحن بحاجة إلى جوائز تقديرية رفيعة من الدولة في الأدب والثقافة والطب والرياضة وريادة الأعمال والأفكار والمخترعات والمسؤوليات الاجتماعية والتطوع والتعليم والإعلام والفنون والسعودة، وشتى المجالات التي أبدع فيها مواطنونا أو مؤسساتنا، تمتد حتى تصل المقيم المميز الذي قدم أعمالا يستحق الشكر المرموق عليها، تكون ذكرى اليوم الوطني نقطة إعلانها، تشرئب أعناق الجميع إليها من كل عام. اليوم الوطني نقطة نابهة في العقول والأرواح، واعتماده إجازة رسمية يأتي في سياق الإيجاب، لكن يجب استثماره استثمارا مثاليا، ليظل نقطة نابهة حقيقية، ومن هنا أرى ضرورة إقامة (الملتقى الوطني) برعاية خادم الحرمين الشريفين، تقيمه إمارات المناطق بالتناوب مع كل ذكرى لليوم الوطني، تمنح خلاله جوائز الدولة التقديرية للمكرمين، وتعرض فيه تجاربهم (إن أمكن)، ويتنافس على المشاركة فيه الشعراء والفنانون والمفكرون والمخترعون ورجال الأعمال والمؤسسات وغيرهم، فعلى سبيل المثال لو تسابق الفنانون في (الغناء/ والمسرح/ والدراما/ وصناعة الأفلام/ واللوحات الفنية) على جائزة الدولة التقديرية لأفضل عمل، يحظى بعدها بالعرض في احتفال اليوم الوطني الكبير، فكم سنحصد من إبداعات، وكم من أفكار ستنبثق، وربما يكون ذلك العمل الجماعي والجهد الكبير على مستوى الوطن أكثر تأثيرا من الأعمال والجهود المبعثرة حاليا، ورافعا لسقف الإلهام في إبداع الفعاليات التي تنطلق بعده في المؤسسات المختلفة، وختاما: (كل عام والوطن وإنسانه أعلى). alhelali.a@makkahnp.com