الصباح الأول خارج المنزل
الثلاثاء / 19 / ذو الحجة / 1437 هـ - 12:15 - الثلاثاء 20 سبتمبر 2016 12:15
أذكر ليلة اليوم الأول، أذكرها جيدا، رصصت أشياء المدرسة على الأرض بجانب سريري، حتى ثوبي فرشته على الأرض في استعداد واحتفاء يفوق احتفائي الطفولي بالأعياد، لم أكن خائفا أو قلقا فقد كان لدي تصور مسبق عن المدرسة، العالم الذي يهبك امتيازات لم تكن لديك قبل دخوله، امتيازات كنت أراها تمنح لأخي الأكبر، مما جعلني أشعر بأول وخزة للطموح في سن مبكرة جدا، أردت دائما أن أكبر وقد أفسد هذا قليلا من طفولتي.
ها هو الصباح المنتظر الذي لم يخرج فيه أبي وأخي لوحدهما، الصباح الذي تركت فيه وحدي أتعامل مع كل تلك المساحة الكبيرة، أذكر تماما شعوري بالأسقف البعيدة جدا والمعلمين الذين ينظرون إلينا من أعلى، أذهلني كبر المكان ووفرة الوجوه والأشياء والأصوات.
أذكر انحناءة أبي ليخبرني أنه سيذهب بعد أن جعلني أسلم على معلمي، أذكر جيدا كيف وافقته بحماسة من غير المعتاد أن تصدر من طفل يعيش يومه الدراسي الأول.
أذكر الطابور الصباحي وكيف كنت مبتهجا لمشهد أننا نقف خلف بعضنا في صف طويل يقوده المعلم إلى الفصل، كانت لعبة هائلة، أذكر ملمس الطاولة المرتفعة قليلا، الصور والألوان المعلقة على الجدران. أذكر تعرفي على المايكروفون في ذلك اليوم، شاهدته بيد أحد المعلمين خلال وقوفنا في الطابور يتحدث ويظهر صوته أعلى من الجميع، كان ذلك سحرا خارقا كما هي أغلب الأشياء التي صادفتني بعد ذلك، الأشياء التي كان لها وقع حاد ولذيذ على الذاكرة وما زال كذلك.