الوقت.. لا يتجدد ولا يدخر
الاحد / 17 / ذو الحجة / 1437 هـ - 19:45 - الاحد 18 سبتمبر 2016 19:45
هل الوقت يعني المال؟! بالطبع لا، الوقت مورد أثمن من المال. فهو لا يتجدد، لا يدخر، وإن رغبت في استثماره، لا يعود بثوان أو دقائق أخرى، ولكن يعود بما هو أقل من ذلك بكثير. ومع ذلك، لا نتردد في إنفاقه على أقل الأنشطة قيمة وعائدا، كما لو كان أكثر الموارد وفرة.
واليوم، تضاعف الطلب على الوقت نتيجة للتقنيات الجديدة. أصبحت الأمور العاجلة والتي غالبا ما تكون «غير ضرورية» مثل متابعة الرسائل الالكترونية ورسائل الهاتف النصية المتزايدة والرد عليها، والتفاعل على حسابات التواصل الأخرى، تشغل حيزا كبيرا من ساعات يومنا. والبعض منا يملك ويدير عددا من حسابات التواصل، ويقوم بصناعة المحتوى ونشره والتفاعل مع المتابعين وتكوين العلاقات وإدارتها، كل ذلك يجعلنا في غرق مستمر وتشتت كبير بين مختلف المهام والأعمال.
ما سبق يلامس جانبا من المشكلة على الصعيد الشخصي، وما يهمنا الآن هو رؤية الحالة في إطار المشاريع، وربما ليس هناك أفضل من الدراسات في نقل الواقع نقيا بحد كبير من شوائب التحيز الإنساني.
فقد أجرت Bain & Company وهي شركة دولية متخصصة في تقديم الاستشارات في الأعمال، دراسة حول الوقت واستخدامه في سبع عشرة شركة كبيرة، وكانت النتائج كالآتي:
بالنسبة للاجتماعات، وجد أنها تستهلك في المتوسط ما يقارب يومين كاملين من أيام المدير التنفيذي في الأسبوع، وأن 80% منها تكون مع الزملاء داخل القسم. ويقول الباحثون الذين أشرفوا على الدراسة إن هذا الوقت مستنفد فيما لا يخلق أي تعاون مع الأقسام والمشاريع الأخرى أو بناء العلاقات مع العملاء.
أما بالنسبة للتواصل الداخلي الذي تحول إلى عبء كبير (communication overload)، فالوضع يزداد سوءا مع التكنولوجيا المتجددة التي لا تزال تساهم في تسهيله بشكل غير مسبوق. ففي السبعينات، كان المدير التنفيذي يتعامل مع ما يقارب ألف عملية تواصل خلال العام من خارج المشروع، معظمها عبر الهاتف والتلكس. ومع انتشار الرسائل الصوتية في الثمانينات، وصل العدد إلى 4 آلاف عملية تواصل في السنة. ومع ظهور الايميلات وانتشارها في التسعينات، أصبح المدير التنفيذي يتعامل مع 9 آلاف عملية تواصل في السنة. أما اليوم، فقد وفرت التكنولوجيا الحديثة إمكانية التواصل عن بعد (virtual collaboration)، ليرتفع العدد إلى 30 ألف عملية تواصل في السنة.
الأرقام بالأعلى تصور الواقع داخل عدد من الشركات الكبيرة، وتنبئ بأن المشكلة في تصاعد مستمر. إن ما يجري هو ابتلاع هائل ومتزايد للوقت الذي يعد أحد أثمن موارد المشروع غير الملموسة، وإن لم يتم النظر في المشكلة والتعامل معها بجدية، فقد ينقلب الأمر بشكل عكسي على نتائج الأعمال مع ارتفاع منافسة المهام غير الضرورية على وقت المدير وأولوياته الكبيرة. ومن المعلوم أن وقت المدير مقسم بين مطالب رؤسائه، ومطالب دائرته، ومطالب نظرائه المديرين بالأقسام الأخرى، ومطالب مرؤوسيه، ومطالبه الخاصة. وتحقيق التوازن بين كل هذه المطالب مسألة ستزداد تعقيدا.
almarahbi.h@makkahnp.com