الرأي

صمت القائد الصحي!

نشر أحد مواقع الأخبار الالكترونية (المعروفة جدا محليا) خبرا (من وجهة نظري يعتبر خبرا صاعقا) مفاده «أن أطباء يعملون في أحد من مستشفيات وزارة الصحة قاموا بتشخيص حالة ورم سرطاني في القولون بأنه مجرد إفراط وزيادة في الأكل! حيث تم بعد ذلك اكتشافه (من قبل مستشفى خاص!) أن الحالة مصابة بورم سرطاني بطول 13 سم وعرض 9 سم، والذي تم استئصاله بنجاح في أحد المستشفيات الخاصة بالمنطقة». وتفصيلا للخبر (كما جاء وللتحليل أيضا) قال ابن المصابة إن والدته كانت تعاني من إرجاع وتقيء للأكل الذي كانت تتناوله فضلا عن آلام مستمرة في جهة البطن، وبعد مراجعة المستشفى الرئيسي بالمنطقة، تقرر تنويمها مدة (10) أيام داخل المستشفى، ليشخص بعد ذلك الأطباء حالتها بالسليمة! وأن سبب ما تعاني منه هو زيادة في تناول الطعام بشكل مفرط، مما يؤدي إلى إرجاعها للطعام الذي تتناوله، وقد تم صرف علاجات للمسنة بناء على ذلك وتسجيل مغادرتها كونها لم تعد بحاجة إلى التنويم! وللأسف الشديد، لنا هنا توقف (قد يطول نقاشا وتحليلا) مع مفردات هذا الخبر (الصاعق كما وصفته)، وهذا النقاش والتحليل كما يلي: أولا: ألا يوجد بهذا المستشفى قسم للمناظير (Endoscopy)، أو قسم للأشعة المقطعية (CT) والذي من أولوياته المساعدة في تشخيص مثل هذه الحالات؟ وكما هو معروف فإن وزارة الصحة (متمثلة بشؤون المستشفيات والطب العلاجي) قامت بتوفير مثل هذه الأقسام بجميع مستشفيات المناطق! ثانيا: ألا يوجد بالمستشفى قسم المختبر الطبي، حيث يقوم بإجراء تحاليل طبية مثل (CBC, CEA, Stool Blood)، وكما هو معروف قيام وزارة الصحة (ممثلة بوكالة المختبرات) بتوفير مثل هذه الاختبارات البسيطة جدا وغير المكلفة وتحتاج إلى فنيين للقيام بها! ثالثا: فرضا وجدلا أن هناك احتمالية رفض المرأة القيام بمنظار القولون (من حقها) ولكن ألا يمكن استبدال التشخيص باستخدام المنظار والقيام باستخدام الأشعة المقطعية (CT) (رغم قيام المستشفى الخاص باستخدام المنظار في التشخيص)، كما أن هناك مؤشرات أخرى واضحة للمصابين بورم القولون، مثل: انخفاض نسبة الهيموجلوبين إلى مستويات متدنية (والذي يمكن معرفته من نتائج CBC). رابعا: ولو افترضنا مرة أخرى (جدلا) عدم وجود أقسام مثل المنظار والأشعة المقطعية بالمستشفى، فمعروف (للجميع) أن وزارة الصحة فتحت باب التعاون بين المستشفيات الحكومية والخاصة، حيث يمكن للمستشفى الحكومي الاستفادة من إمكانات المستشفى الخاص (بمقابل مادي). إذن، كان بالإمكان إرسال المصاب إلى المستشفى الخاص وطلب المساعدة في تشخيص الحالة وذلك بالاستفادة من إمكانات المستشفى الخاص. باختصار... نعم يحق لأبناء المصابة (والمجتمع ككل) الاستغراب من مثل هذا التشخيص الكارثة! والذي يعتبر درسا (قاسيا) للجان الخارجية والتي تقوم بالتعاقد مع الأطباء (كوادر طبية ضعيفة) للعمل بالمستشفيات الحكومية. نعم، هناك مجموعة كبيرة من الأسئلة تفرض نفسها هنا (إجباريا)، ولكنني مؤمن بأن القيادات الصحية تعمل دائما (بصمت) ولكنه وللأسف صمت غير احترافي!