متاجرة بأسماء الطلاب للوهمية

استغلال وتحايل من طرفين، كلاهما مستفيدان من ممارساتهما السلبية، فالاستغلال يتم من قبل طلاب جامعيين يقبلون تسجيل أسمائهم في وظائف وهمية بمبالغ تتجاوز 2500 ريال شهريا دون دوام فعلي،

u0627u062du062fu0649 u0641u0639u0627u0644u064au0627 u064au0648u0645 u0627u0644u0645u0647u0646u0629 u0644u062au0633u062cu064au0644 u0641u064a u0627u0644u0648u0638u0627u0626u0641(u0648u0627u0633)

استغلال وتحايل من طرفين، كلاهما مستفيدان من ممارساتهما السلبية، فالاستغلال يتم من قبل طلاب جامعيين يقبلون تسجيل أسمائهم في وظائف وهمية بمبالغ تتجاوز 2500 ريال شهريا دون دوام فعلي، وتحايل من بعض الشركات والمؤسسات على السعودة بتسجيلهم ومنحهم مبالغ تعد “بخسة” لتتمكن من الاستفادة من خدمات وزارة العمل، كل هذا على الرغم من العقوبات التي فرضتها وزارة العمل على عدد من المنشآت في ما سمي بالسعودة الوهمية، وذلك ضمن حملات تفتيشية عديدة عليها. وتعد السعودة الوهمية نوعا من التزوير، إذ تقوم المنشأة بتسجيل سعوديين لدى مكتب العمل على أنهم يعملون لديها بهدف تحقيق نسبة السعودة المفروضة نظاما، وهم في واقع الأمر يحصلون على مرتبات مقابل أسمائهم فقط، أو يحضرون إلى مقر العمل دون إسناد عمل فعلي لهم يتناسب مع مؤهلاتهم ورغباتهم، والغالبية العظمى منهم طلاب جامعة، وتتراوح رواتبهم بين 500 و3000 ريال، على حسب المنشأة وحجمها التي تكون غالبا من صغيرة إلى متوسطة.

تبادل المصالح بين الطرفين وراء الظاهرة

أرجع بعض الشباب الجامعيين سبب لجوئهم للعمل الوهمي إلى ضعف مكافأة الجامعة، وعدم تغطيتها للاحتياجات، بجانب عدم توفر وظائف تتناسب مع الدراسة ووجود وقت فراغ يمكنهم من العمل. الطالب في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض فارس العتيبي يقول: إن ما دفعه لبيع اسمه في السعودة الوهمية هو ضعف مكافأة الجامعة التي هي دخله المادي الوحيد، وأكد أنه حاول العثور على عمل يتناسب مع أوقات محاضراته لكن دون نتيجة، وذكر أن الشركات تستغني عنهم حين وصولها لمبتغاها والحصول على الضوء الأخضر. بينما قال الطالب في نفس الجامعة يزيد عسيري، إن سكن الجامعة السيئ دفعه لإيجار سكن خارجي، لذلك هو يحتاج إلى دخل مادي أعلى لتغطية احتياجاته، وهو ليس من سكان الرياض، بل جاء ليكمل دراسته الجامعية بعيدا عن عائلته، وأشار إلى أن الشركة في مدينة أخرى بعيدة عن الرياض. وأرجع الطالب في جامعة الملك سعود بالرياض عبدالإله عبدالله السبب إلى انقطاع مكافأة الجامعة، وتوقيت محاضراته المتفرقة في الصباح والمساء، لذلك لم يجد أي حل آخر سوى بيع اسمه لدى المنشآت. من جانبه أوضح صاحب منشأة خاصة - رفض ذكر اسمه - يملك إحدى الشركات المتوسطة أن سبب لجوء شركته إلى السعودة الوهمية هو أن وزارة العمل تجبر المنشآت التجارية على السعودة دون وضع بدائل أو حلول أخرى، وأن الشباب السعودي يبحث عن الأمان الوظيفي في الشركات الكبيرة والقطاع الحكومي، لذلك من الصعب أن تجد سعوديا يقبل العمل في الشركات الصغيرة أو المتوسطة. وذكر أن هناك شبابا سعوديين كثيرين عرضوا أسماءهم على الشركة مقابل راتب شهري 2500 ريال، وأن ما يقارب 92 % من هؤلاء الشباب من طلاب الجامعة، والبقية طلاب ثانوي وعاطلون. المتحدث الرسمي لوزارة العمل حطاب العنزي قال، إن بعض الشركات تستغل ذوي الاحتياجات الخاصة وعدم قدرتهم على العمل بسرقة أسمائهم لتحقق بهم السعودة المطلوبة، كما تسجل النساء في مهن لا تتوافق مع طبيعة عمل المرأة، والتي يحظر النظام والقرارات الوزارية ممارستها لها.

فرص عمل ميدانية للابتعاد عن أعين المفتشين

تلجأ الشركات إلى إدراج الموظفين السعوديين الوهميين في الوظائف التي قد تخفى على مفتشي وزارة العمل، فيتجنبون الوظائف المكتبية ويعتمدون على الوظائف الميدانية والتي تتطلب الوجود في الخارج. يوضح الطالب بجامعة الملك سعود، ياسر سعد، أن الوظيفة المسجل فيها هي وظيفة غير مكتبية، وهذا ما تعتمد عليه الشركات بقصد التحايل على وزارة العمل في حال زيارة الحملات التفتيشية للشركة، ومن هذه الوظائف حارس أمن، وعامل نظافة، ومندوب، وغيرها من الوظائف التي تعتمد على الحركة والتنقل، وقال إنه لا يعلم أي معلومة عن الشركة المسجل فيها، وذكر أن الشركات تعلن حاجتها للسعودة الوهمية عن طريق الطلاب. بينما ذكر رجل أعمال أن جميع الوظائف الوهمية التي يستعين بها سواء للرجال أو النساء هي وظائف خارجية، كمندوب مبيعات ومسوق ومعقب ومحصل وغيرها، وذلك لحل إشكالية التفتيش والمراقبة، وأشار إلى أن أغلب المسجلين لديه في الشركة من الأقارب والأصدقاء، وعلى رأسهم زوجته وأبناؤه. فيما أوضح متحدث وزارة العمل العنزي أن نحو 340 ألف منشأة صغيرة ليس بها سعودي واحد، وذلك قبل بدء المهلة التصحيحية، ولكن بعد المهلة وحملات التفتيش المستمرة بدأت المنشآت في الالتزام وتوظيف السعوديين بشكل فعلي. وأفاد بأن مشكلة السعودة الوهمية تكاد تنحصر في المنشآت الصغيرة، وهذا ما أكده الشباب المستفيدون من السعودة حين أجمعوا على أن جميع الشركات المسجلين فيها هي شركات صغيرة ومتوسطة، وما أكده كذلك رجل الأعمال الذي قال إن المواطنين لديهم مفهوم خاطئ عن الأمان الوظيفي، لذلك نعاني حين نبحث عن موظفين سعوديين.

أداء حملات التفتيش لدورها محل شكوك

الطالب ياسر سعد يؤكد أنه لم يتم استدعاؤه مطلقا من الشركة بسبب التفتيش أو الرقابة، بل أنه لا يذهب للبصمة أو التوقيع. وبينما أشار رجل الأعمال إلى أن شركته لم تداهم من أي حملة تفتيشية منذ تأسيسها، وأن الحملات التفتيشية لا تذهب إلا للشركات المسجل عليها مخالفات فقط، نفى حطاب العنزي هذا الكلام، وقال إن حملات الوزارة بالآلاف وبشكل يومي، مؤكدا أن حملات التفتيش مستمرة وفي تزايد، وكل الشركات مسجلة في جدول زمني ولا مفر من التفتيش. وأوضح أن العقوبات الحالية التي تفرض على من يتسبب أو يرتكب السعودة الوهمية نص عليها القرار الوزاري رقم 1838/1 وتاريخ 27 /8 /1425هـ وذلك بمعاقبة المخالفين بالحرمان من الاستقدام (من خدمات وزارة العمل) لمدة خمس سنوات، كما لا يلغي هذا الإجراء حق العامل في الحصول على تعويض مقابل ما لحقه من ضرر نظير استغلاله، كما أن هذه العقوبات لا تحول دون إيقاع العقوبات الأخرى المنصوص عليها في نظام العمل.

حلول مقترحة مع انتظار صدور نظام للعقوبات

وذكر الطالب فارس العتيبي أن الحل يأتي من وزارة التعليم العالي، إذ لا بد من زيادة مكافآت الجامعة بما يكفي لسد احتياج الطالب وصده عن اللجوء إلى مخالفة القانون، أو تفعيل برامج لتوظيف الطلاب داخل الجامعة أو خارجها بما يتوافق مع محاضراتهم بالجامعة. وأشار رجل أعمال إلى أنه يجب الاهتمام بتوعية الشباب السعودي بشكل أكبر عن الحياة العملية، والاهتمام بتخريج جيل طموح يسعى إلى تطوير إمكاناته ليتميز في مجاله من خلال الاهتمام بالتعليم الجامعي بشكل أفضل، وإضافة ساعات تدريبية من أول عام دراسي حتى يتسنى للطالب تطوير نفسه في الجانب العملي، حتى لا نظل نستعين بالمقيمين أبد العمر. من جانبه قال حطاب العنزي إن الوزارة في طور إعداد مشروع متكامل لمكافحة التوظيف الوهمي، تصل فيه العقوبات إلى السجن من سنة إلى خمس سنوات، والغرامة المالية التي تصل إلى عشرة ملايين ريال، وهذا ما يتم تطبيقه على جرائم التزوير، إضافة إلى الحرمان من الاستقدام والقروض الحكومية والمنافسات ونقل الكفالة على من يثبت لديه توطين وهمي. ويتيح هذا المشروع للمواطنين الإبلاغ عن مخالفات التوطين الكترونيا أو هاتفيا، بحيث تخصص الوزارة رقما مجانيا للإبلاغ عن مخالفات التوطين الوهمي، ويتم التحقق من البلاغات من قبل المفتشين بزيارة المنشآت المخالفة للتوطين.