هل الديمقراطية الأمريكية متجهة للانهيار؟

استغرق الأمر نحو 250 سنة حتى انهارت الديموقراطية في أثينا القديمة. تم اختراع شكل جديد كليا للحكومة هناك بحيث كان الناس يحكمون أنفسهم بأنفسهم. ذلك الدستور أثبت أنه فعال بشكل رائع. نمت أثينا من حيث الثروة والقدرة، وحاربت الفرس وصدت تحديهم،

استغرق الأمر نحو 250 سنة حتى انهارت الديموقراطية في أثينا القديمة. تم اختراع شكل جديد كليا للحكومة هناك بحيث كان الناس يحكمون أنفسهم بأنفسهم. ذلك الدستور أثبت أنه فعال بشكل رائع. نمت أثينا من حيث الثروة والقدرة، وحاربت الفرس وصدت تحديهم، وأسست نفسها كقوة رائدة في العالم المعروف في ذلك الوقت وأنتجت كنوزا من فن العمارة والفلسفة والفنون المدهشة حتى يومنا هذا. ولكن عندما انتشر الفساد وسوء الإدارة، انطفأت الأنوار. استغرق الأمر 2000 سنة قبل أن يُعاد اختراع الديمقراطية في الدستور الأمريكي، الذي يعتبر الآن ديمقراطية تمثيلية. مرة أخرى أثبتت الحكومة التي يتم اختيارها عبر الرضا الشعبي أنها عبقرية. نمت الولايات المتحدة لتصبح القوة الأولى في العالم –اقتصاديا، ثقافيا، وعسكريا. في أوروبا، حلت الديمقراطيات مكان الأنظمة الملكية المستبدة والدكتاتوريات الفاشية والشيوعية. في العقود الأخيرة، حول انتشار الديموقراطية الأنظمة الاستبدادية إلى أقلية. التجربة الديمقراطية الثانية يقترب عمرها من 250 سنة. كانت التجربة الثانية ناجحة مثل الأولى. لكن الدرس من أثينا هو أن النجاح لا يلد نجاحا. الديموقراطية ليست نظاما افتراضيا، لكنها شكل حكومة يجب أن يؤسس مع إصرار، وهي قد تتفتت ما لم تلق الرعاية الكافية. في الولايات المتحدة وبريطانيا، الديمقراطية تتفتت في الوقت الذي يجب أن تلقى فيه الرعاية من القيادة. إذا انطفأت الأنوار في الديموقراطيات النموذجية، فلت تبقى في أماكن أخرى. لا يكفي أن تكون الحكومة ديموقراطية؛ عليها أن تحقق إنجازات وإلا فإنها سوف تضعف. في بريطانيا، أصبحت الحكومة غير فعالة بشكل متزايد. المفكر أنتوني كينج وصفها بأنها ستنحدر من «النظام» إلى «الفوضى» في أقل من ثلاثين سنة. خلال 10 سنوات من حكم حزب العمال الجديد، تأكدت الفرضية. في 1997، تم انتخاب حكومة جديدة بتفويض وتصميم لعكس موجة الظلم الاجتماعي الذي خلفه فكر مارجريت تاتشر. تم إعطاء تلك الحكومة كل السلطات البرلمانية التي يمكن أن تحلم بها أي حكومة ديموقراطية واستفادت من 10 سنوات من النمو الاقتصادي. لكن الحكومة القوية تعرضت للهزيمة أمام نظام الحكم الضعيف. لم تحقق شيئا مما وعدت به وتركت بريطانيا تعاني من عدم المساواة أكثر من النظام السابق. الحكومة التالية أثبتت عجزها أيضا. كان يفترض أن تصلح الضرر من الأزمة الاقتصادية لكنها لم تعالج أسباب الأزمة وطبقت نظام تقشف يحمي الأغنياء على حساب الفقراء. خلال ذلك، يعاني النظام الأمريكي من أزمة أسوأ مما يبدو عليه. الفروع الثلاثة للحكومة مصممة لتقديم إنجازات من خلال ضوابط وتوازنات. لكن التوازن أصبح جمودا، والولايات المتحدة لا تحصل على الحكم الذي تحتاج إليه. هنا، الرابط بين عدم المساواة وعدم القدرة واضح تماما. تم إفراغ القوة من النظام الدستوري واغتصابها من قبل ممثلين مثل مراكز الأبحاث والإعلام ومنظمات الضغط. في عصر السياسة الغالية جدا، يعتمد المرشحون على ممولين لتمويل حملات دائمة. عندما يُسمح للمال بالتجاوز من الأسواق، حيث يُفترض أن يكون، إلى السياسة، حيث لا يفترض أن يكون له دور، فإن أولئك الذين يملكون المال سيحصلون على سلطة تحديد المرشح الفائز وعلى قراراته عندما يفوز بالمنصب. في أثينا، انهارت الديمقراطية عندما ازداد الأثرياء ثراء، ورفضوا التقيد بالأنظمة والقواعد وقوضوا نظام الحكم. هذه هي النقطة التي وصلت إليها الولايات المتحدة وبريطانيا. منذ قرن من الزمن تقريبا، عندما كانت الديموقراطية الرأسمالية في أزمة بعكس ما هي عليه حاليا، حذر قاضي المحكمة العليا لويس برانديس قائلا: «إما أن يكون لدينا ديموقراطية، أو أن يكون لدينا ثروة مركزة في أيدي عدد قليل من الناس، ولكن لا يمكن أن يكون لدينا الاثنين معا.» نجت الديموقراطية من العاصفة لأن عدم المساواة ليست هي التي تدمر الديموقراطية ولكن الجمع بين عدم المساواة والانتهاكات كما يحدث مؤخرا. الدرس من أثينا هو أن النجاح يولد الرضا عن النفس والتهاون. الناس، وخاصة الذين يملكون المزايا، لم يعودوا يهتمون، وتعرضت الديموقراطية للإهمال. بعد ست سنوات من الأزمة الاقتصادية العالمية، المؤشرات من نماذج الديمقراطيات هي أن أصحاب المزايا لم يعودوا يهتمون وأن أنظمتنا غير قادرة على التعلم. الأزمة بدأت في صناعات الخدمات المالية الخارجة عن السيطرة في الولايات المتحدة وبريطانيا، لكن لم تتم استعادة السيطرة بعد. عدم المساواة الاقتصادية تلاها عدم المساواة السياسية، والحكومة الديموقراطية مجردة من السلطة والقدرة. لم يكن القاضي لويس برانديس مخطئا؛ بل إنه سبق زمانه. * واشنطن بوست