الأمن مسؤولية الجميع
الاحد / 10 / ذو الحجة / 1437 هـ - 23:45 - الاحد 11 سبتمبر 2016 23:45
الحج هو قصد مكة لعمل مخصوص في زمن مخصوص، والتعبد لله بقصد بيته العتيق للقيام بشعائر الحج ولو مرة واحدة في العمر لمن استطاع إلى ذلك سبيلا، والحكمة من الحج والعمرة هي تطهير النفس من آثار الذنوب لتصبح أهلا لكرامة الله تعالى في الدار الآخرة، ومن قصد مكة حاجا أو معتمرا يحتاج مناسك لتعلمها ومعرفة ما يتعلق بها من أحكام لأيام معدودة، فالله جعل الدنيا دار عمل والآخرة دار جزاء، وفريضة الحج دائمة مستمرة، وتعظيم بيت الله الحرام من شعائر الله وتعظيم لله، فالحج يعرض قوة المسلمين وشوكتهم واجتماع جندهم وإظهار شريعتهم، وينطلق من المحافظة على المصالح المعتبرة وفق الثوابت الأساسية.
فالأمن والاستقرار والسلام، يحف هذه البلاد، حيث تحتضن على أرضها المقدسة أكبر تجمع على مستوى العالم من جميع حجاج بيت الله الحرام لمختلف دول العالم، لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام، مما أوجب على هذه البلاد المزيد من الاستعدادات الأمنية، ومتابعتها بالتطورات المعاصرة.
فأمن الحجاج يأخذ أولية في الإنفاق بسخاء كبير، لأنهم ضيوف الرحمن الذين أتوا لبيت الله العتيق.
إن أمن الحج ليس مسؤولية الدولة فقط، بل هو مسؤولية مشتركة بين الدولة والمواطنين والمقيمين والحجاج، الذين يشكلون حزاما وطوقا متينا ضد أي ظواهر غير طبيعية قد تخل بالأمن وتؤدي إلى الضرر بالأرواح والممتلكات، فالمواطن والمقيم والحاج رجل أمن، لأنهم يعيشون على أرض الأماكن والمشاعر المقدسة، وأن الضرر إذا وقع سوف يشمل الجميع وسيؤدي إلى تعطيل الحج وغياب الطمأنينة والراحة.
إن تعاون الإنسان الذي يعيش أو يفد إلى هذه البلاد هو أمر مطلوب، بل واجب، إنها دعوة يطلقها كل شخص يحب الأمن والسلام والاستقرار لهذه البلاد.
إن هذا الدين كما أنه كامل بإكمال الله له، فهو شامل لجميع مراحل الحياة، فلا يوجد تصرف إلا وللدين فيه حكمة، فالدين لا يحصر في جانب دون جانب، ومع ذلك فقد جاء الدين لسعادة البشر ونفي الشر عنهم والضرر، فالدين قد جاء بعبادة محكمة وصفات حميدة وأخلاق جليلة، ومن هذه الأخلاق والصفات صفة التعاون.
ومن الأمور التي يبرز فيها التعاون وخدمة المسلمين ما تعيشه هذه البلاد لموسم عظيم، ألا وهو الحج إلى بيت الله الحرام، فخدمة الحاج شرف، وأول من تشرف به سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل، عليهما السلام، والعرب في الجاهلية كانوا يتنافسون لخدمة الحجاج، والنبي، صلى الله عليه وسلم، رخص لمن يقومون على خدمة الحجاج بالمبيت في مكة أيام التشريق من أجل سقيا الحجاج ماء زمزم، لهذا فالحاج وافد على الله، ومن وفد على الله أكرمه الله. عن عمر، رضي الله عنه، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال (الغازي في سبيل الله، والحاج والمعتمر وفد الله، دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم).
وفي رواية(الحجاج والعمار وفد الله، إن دعوه أجابهم وإن استغفروه غفر لهم).
ولقد ارتضى ولاة أمر هذه البلاد لأنفسهم اسما يحمل صفة خدمة الحرمين، فأنفقوا بسخاء على عمارتهما وتسهيل الطرق وتوفير الأمن إليهما، منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز وأبنائه الذين خلفوه من بعده، فهناك عبارة خرجت من كل واحد منهم في عهده، عبارة جادة حازمة «سنستمر ببذل كل ما نستطيع في خدمة ضيوف الحرمين، ولن نتوانى عن محاسبة أي مقصر».
هذه هي مواقف ولاة أمر هذه البلاد وشعبها، فجميعهم حريصون على تقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن كعادتهم وعادة أسلافهم.
فاللهم اجعله حجا مبرورا ميسرا مقبولا للجميع.
والله من وراء القصد.