هل جودة الكتابة تؤثر على نجاح المشروع؟
الاحد / 10 / ذو الحجة / 1437 هـ - 23:45 - الاحد 11 سبتمبر 2016 23:45
قد لا نولي الكتابة أهمية إذا كان الحديث يتعلق بنجاح المشاريع، لكن لو أدركنا قوة وفاعلية هذه الأداة في تنظيم وترتيب الأفكار واستخلاص قصص غنية بالمعاني الإنسانية العظيمة، لما تخلى عنها أحد.
إن تنظيم وترتيب الأفكار مشكلة تعوق قدرتنا على رؤية وصياغة الخيارات الناجحة. وأكثرنا براعة في الكتابة بالعادة يعجز عن تنظيم أفكاره مع المحاولة الأولى، لهذا ستجد دائما النسخة النهائية وليدة عشرات المسودات. أما الذي لا يمارس الكتابة إطلاقا فسيعاني من تشويش شديد في الرؤية وهو أمر طبيعي لأي عقلية لم تصنع يوما من تجاربها ومعارفها قصة ذات معنى وطريقة حياة.
مقدمتي تتكلم حول تنظيم عقل واحد ورفعه لمستوى الوضوح الذي يعينه على التغلب على غموض الحياة، فما هو الوضع في حالة المشاريع التي تضم مئات العقول، وتتناثر في أركانها ومن حولها آلاف الأفكار والبيانات والمعلومات، كيف سيكون حالها في ظل وجود نظام رديء للكتابة؟ نظام يعجز عن تسجيل المعاملات والتجارب التي يمر بها المشروع ليفهمها من يتولى قيادته فيفسرها بمعان تخدم المجموعة في رحلتها نحو القيادة؟
لعلي أقتبس عبارة جميلة المعاني كتبها Juck Shulman وهو أحد الممارسين في مجال تصميم وتطوير المعلومات، يقول فيها «معظم رأس المال الفكري يبقى حبيسا في عقول الأفراد الذين يجدون صعوبات في جعل أفكارهم في متناول أيدي من هم خارج إطار تخصصهم الضيق أو الذين لم يدركوا بعد أنهم يملكون معارف ذات قيمة في مكان ما. الكاتب يملك القدرة على استخراج تلك المعلومات، وتقديمها باللغة والإطار اللذين يلائمان عقلية كل فرد من جمهوره، ويستطيع الحفاظ على قيمة الملكية الفكرية للمشروع وتعزيزها لدى العملاء، الموردين، وكذلك الموظفين». من ذلك ندرك أن الكتابة يمكن أن تخلق الفرص.
ولندرك أثر رداءة الكتابة على إنتاجية المشروع، نلقي نظرة على نتائج المسح الذي أجراه Josh Bernoff وهو مؤلف لعدد من الكتب في الكتابة. شمل المسح 547 رجلا وسيدة أعمال يقضون ما لا يقل عن ساعتين في الأسبوع في ممارسة الكتابة (تستثنى الرسائل الالكترونية). يقول هؤلاء إنهم في المتوسط يقضون 25.5 ساعة في الأسبوع لقراءة تقارير ورسائل تتعلق بأعمالهم (ثلثها رسائل الكترونية). 81 % منهم يتفقون على أن الكتابة الرديئة تفقدهم الكثير من وقتهم. وعلامات الرداءة تشمل الإطالة، وسوء تنظيم الأفكار، وعدم الوضوح، وعدم الدقة، وكثرة استخدام المصطلحات غير المفهومة سوى لكاتبها وفريقه أو معارفه.
وهذا مثال لمزيد من التوضيح. أثناء إدارتك لفريق عمل، إن لم يتم إدراج أهم جملتين في السطور الأولى من رسالتك، لن تضمن وصول ما تريده لفريقك، فهم إما أنهم لن يقرؤوا كل الرسالة أو لن يعرفوا أي الجمل أهم من الأخرى.
إليكم أيضا رسالة قوقل لمستخدمي شبكتها، تنقل باختصار ووضوح على ما ترتكز رؤيتها، فتقول: Focus on the user and all else will follow
قوقل بذلك تقيد توقعات المستخدمين فيها، بأن محركها الرئيسي: التجربة المثلى للمستخدم.
لا يختلف اثنان على أن التواصل أداة رئيسية لتعزيز فرص القيادة والنجاح لأثرها الكبير على بناء الثقة والقيمة، وهما عنصران أساسيان لكسب القبول والانتشار. والكتابة إذا خلت من الوضوح أو كانت مصدر تشويش لذهنية المستقبل، ستدمر الفرص وتزيد الحاجة لجهود ووسائل تعويضية قد تكون أعلى كلفة.
almarahbi.h@makkahnp.com