"مكّة" حلمٌ تحقّق!
تمثل انطلاقة صحيفة «مكة «حدثاً ثقافياً إعلامياً مهما؛ وحلما عاش سكان البلد الأمين في انتظاره منذ أن ودّعت صحيفتهم العريقة «الندوة» الحياة في 18 فبراير 2013،
الأربعاء / 14 / ربيع الأول / 1435 هـ - 01:30 - الأربعاء 15 يناير 2014 01:30
تمثل انطلاقة صحيفة «مكة «حدثاً ثقافياً إعلامياً مهما؛ وحلما عاش سكان البلد الأمين في انتظاره منذ أن ودّعت صحيفتهم العريقة «الندوة» الحياة في 18 فبراير 2013، وهي الصحيفة التي ارتبطوا بها عاطفياً منذ بزوغ فجرها على يد شيخ الصحافة السعودية المرحوم الشيخ أحمد السباعي عام 1958 ، ثم بعد دمجها مع صحيفة «حراء» لمالكها الأستاذ صالح محمد جمال -رحمه الله- عام 1959.
وفي مرحلة ما بعد توقف الندوة لم يكن مقبولا في الأوساط الثقافية والرسمية والشعبية ونحن - في الألفيّة الثّالثة- أن تبقى مدينة مكّة المكّرمة، قبلة المسلمين ومهوى أفئدتهم، ذات التّعداد السّكاني الذّي فاق المليوني نسمة؛ ومقر الجامعة الأعرق؛ والنادي الأدبي الأشهر؛ والمئات من المدارس والمعاهد، والتي يؤمها الملايين من الحجاج والمعتمرين..أن تبقى مدينة بهذه المواصفات بلا صحيفة يومية تثري الحياة بها.
كان السّؤال المتداول في المجتمع المكي، والذي ظل لزمن يتردد في منتديات المكيين: كيف لمدينة بحجم مكّة المكّرمة أن تستقبل إشراقة الصّباح كل يوم بلا صحيفة يومية تحمل هوية المدينة وأخبارها على مائدة إفطار مواطنيها؟
وجاءت «مكة» اليوم بإطلالتها على مشهدنا الثقافي والإعلامي لفك اللغز، مجيبة على السؤال وهي تحمل أنفس الأسماء وأقربها إلى وجدان المسلم؛ اسم البلد الحرام؛ الاسم الذي خلّده الإسلام وأصبح محفوراً في ذاكرة كل مسلم. جاءت «مَكّة» في حلتها البهية لتصافح يد القارئ وعينه وقلبه بثوب جديد؛ بفكر جديد؛ بشخصية مستقلة نأمل أن تجمع فيها بين الأصالة التي تناسب رسالة المكان المقدس الذي تصدر فيه وتشرفُ بحمل اسمه؛ وبين المعاصرة للثورة الصناعة الإعلامية لمواكبة مستجدات العصر وتقنياته لتحافظ على حق القارئ في إيصال المعلومة له على وجهها الصحيح لبناء مجتمع المعرفة٠
لقد اختارت «مكة» أن تصدر ورقياً -النظام التقليدي- في الوقت الذي اتجهت فيه معظم الإصدارات الحديثة إلى الإلكتروني، وتحولت فيه بعض الإصدارات العريقة في العالم من الإصدار الورقي إلى التقنية الحديثة، الأمر الذي يضع الصحيفة وجهاز تحريرها في مواجهة الإعلام التكنولوجي أو التفاعلي الذي يمتلك السرعة الفائقة والقدرة على التواجد مكان الحدث وجهاً لوجه ولحظةً بلحظة؛ والمملكة متقدمة في هذا المجال ومرتبتها الأولى عربياً في استخدام الإعلام الحديث، فقد بلغ عدد مستخدميه - حسب مصلحة تقنية المعلومات- في الربع الأول من عام 2013، (3; 4) ملايين مستخدم.
إذا نستقبل «مكة» وهي تتكئ على إعداد تقني متميز؛ ورأس مال قوي؛ وإرادة مسؤولة من جمعيتها العمومية وفريق من المحررين المتمرسين؛ وموروث ثقافي غني، لتكون إضافة نوعية للإعلام السعودي بإذن الله، ومرشحة للمزاوجة بين الإصدار التقليدي والإلكتروني.
والسؤال الأكثر أهمية وإلحاحاً، والذي يُفترض أن يُطرح اليوم أمام فرحنا بصدور صحيفة البلد الأمين»مكة» هو: ماذا نريد من «مكة» الصحيفة التي انتظرناها طويلاً، ليس فقط منذ أن أغلقت «الندوة» أبوابها، ولكن منذ السنوات العجاف الأخيرة التي مرّت بها الصحيفة المكية حتى توارت من ركب الصحافة السعودية في منظر آلم وأفزع قراءها؟
وحتى نجيب عن هذا السؤال لابد أن نشير إلى أن قنوات التواصل الاجتماعي رفعت سقف تطلعات القارئ؛ بل صنعت قارئاً مختلفاً أصبحت قناعاته عامل ضغط على وسائل الإعلام التقليدي، مما فرض عليها السعي لملاحقة الجديد وإدخال التحديث على أنظمتها لكي تصمد أمام المنافسة، وبالتالي فإننا ندرك أن «مكة» في حلتها الورقية النمطية أمام تحد يحتاج منها إلى الكثير من الجهد والمال والعقل المبدع والصبر، لكي تشق طريقها بقوة في ظل الإعلام الإلكتروني الذي تتزايد سيطرته ومزاحمته الشرسة التي تملأ الأفق من حولنا ضجيجاً في حرية غير محسوبة أتت على الثوابت دونما ضابط أخلاقي أو التزام قيمي أو مهني٠ و»مكة» التي دخلت السباق اليوم ستشق -باذن الله- طريقهابكفاءة ومهنية أبنائها. والقارئ يتطلع أن تكون بمستوى الإعداد القبلي لها، حيث توجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز -يحفظه الله- بتوقيعه على عددها التجريبي الأول، والطموح أن تبني منهجيتها على:
- دعم مشروع مجتمع المعرفة.
- المصداقية والعلمية في منهجها.
- المشاركة في إدارة دولاب التنمية بمفهومها الشامل.
- المساهمة في صناعة التغيير المجتمعي نحو الأفضل.
- التفكير في اقتراح الحلول والمعالجات لنقاط الضعف والهزال في أوصال المجتمع قبل عرض المشاكل.
- المؤمل أن تكون لدى «مكة « خطة لإصدارات بأكثر من لغة، خدمة لمن لا يتحدث العربية من الحجاج والمعتمرين.
- أن تكون «مكة» النموذج الأصيل للإعلام الإسلامي.
- أن تستشعر في منهجها وممارساتها أهمية بلادنا ومكانتها في قلوب المسلمين.
- أن تواكب في تغطياتها وتحليلاتها أحداث مكة المكرمة التي أصبحت في عين وضمير وسائل الإعلام العربية والإسلامية والعالمية بعد الثورة الإعلامية الحديثة.
- أن تكون من المصادر المرجعية الموثوقة التي يعود إليها الباحث، خاصة الحاج والمعتمر.
نحيي «مكة» الصحيفة في يوم مولدها الجديد. ونحن على ثقة بأنها ستكون فرس رهان أصيلة سنصفق لها عند كل منحنى وفي نهاية كل سباق.