الرأي

محمد عبده.. ما عاد بدري!

فايع آل مشيرة عسيري
ظل فنان العرب والعجم محمد عبده رقما صعبا وقامة فنية يصعب تكرارها أو استنساخها، فهو ظاهرة صوتية موسيقية أصيلة تربت عليها كل القلوب المرهفة والذائقة الباذخة في الحب والعشق طيلة نصف قرن أو يزيد، صوت يزداد عذوبة كلما سمعناه مباشرا على خشبة المسرح أو تسجيلا خالدا في ذاكرة محبيه ومعجبيه الذين يزدادون كلما سمعوا صوت محمد عبده.. أبو عبدالرحمن نقلة نوعية للأغنية السعودية وسفيرها الذي حملها نحو مصاف العالمية.. محمد عبده مجموعة الإنسان الذي يسكنه وصفحات المعاناة وكل التفاصيل الصغيرة والكبيرة في ليلة خميس أو في رسايل المهووسين، واختلفنا حول نهاية فنان كبير بحجم محمد عبده.. نهاية فنان باتت من جمل أعترفلك الموسيقية ما عاد بدري. فنان العرب كي تمنح جمهورك مزيدا من المعازيم وأوراق الخريف.. والهوى الغائب وجرعات أبعتذر وأيَّوه على ذات الطريق ابعاد وإن كنا قريبين، ثمة سفر وسهر كنَّا وما زلنا نخشاه على أبي نورة من أبي نورة نفسه، حتى بتنا نخاف عليه أكثر من نفسه وهو يصر على الظهور الباهت والأغنية الخطأ في الزمن الصح بعد سنوات السلطنة والتفرد في كل شيء، وما زال رغم نتوءات العصر السريعة التي أوقعته دون أن يعلم أو حيث يعلم..؟! هل نسي هذا العملاق أن صوته ينادينا وإن ابتعد، وأنه من بادي الوقت، وأنه أنشودة المطر والشعر والنثر، وأنه الأماكن القابعة في أزمنة الصورة الخالدة والمطرَّزة بالبرواز المنتهي بكل الحكاية، ونجم عال قد يسرق الوقت من سكة التايهين.. لم يبق لمحمد عبده بعد وهم المكابرة على تاريخه الفني ورفضه المسافة والسور والحارس إلا أن يقول لجمهوره الكبير فمان الله فمحبوك لم يعودوا معك وإن سألتهم: «أنت معاي». ومضة: أن تترجل بعد هذا الإرث الفني الكبير فهذا نجاح لا يقل قيمة عن تاريخك الطويل بدلا من تكرار أعمالك الفنية أو جديد أقل بكثير من إمكاناتك الفنية وكي تبقى في ذاكرة العاشقين.