وزارة التربية والتعليم وآخر حل

ليس هناك عمل يمس كل أسرة ويهتم به الناس كافة مثل التعليم، حيث في كل بيت أفراد من أهله، إما متعلمون أو معلمون. في التربية أكثر من خمسمئة ألف معلم ومعلمة، وفيها عدد كبير من الموظفين الإداريين، وينتمي إليها خمسة ملايين طالب وطالبة. 

ليس هناك عمل يمس كل أسرة ويهتم به الناس كافة مثل التعليم، حيث في كل بيت أفراد من أهله، إما متعلمون أو معلمون. في التربية أكثر من خمسمئة ألف معلم ومعلمة، وفيها عدد كبير من الموظفين الإداريين، وينتمي إليها خمسة ملايين طالب وطالبة. 
ولهذا السبب كانت وزارة التربية والتعليم من أكثر المؤسسات الحكومية تغييرا في وزرائها وتغييرا في مناهجها، في ثلاثين سنة أطاحت بخمسة من الوزراء، أو بالأصح مر عليها هذا العدد الكثير بمدة قصيرة بالنسبة لمدد الوزراء حيث متوسط مددهم في الوزارات الخدمية غير التربية خمسة عشر عاما بينما كانت مدة الوزير في التربية لا تزيد على خمس سنوات، هذا التغيير في الوزراء الذين تلقي بهم الأقدار في حضنها الساخن يدل على خطورتها وأهميتها في الوقت نفسه.
أما مناهجها فلم تكن أكثر ثباتا من وزرائها فقد بدأت بمناهج التكثيف الكبير في المواد النظرية على قاعدة التكرار يعلم الشطار واستمر ذلك ردحا من الزمن، ولم تلبث أن حلت عليها أنظمة الساعات وأيام الانفلات ومرت التجربة بفشل ذريع على كل المستويات، وجاءت بعد ذلك برامج الحاسبات والشركات وما أدراك ما الحاسبات والشركات، وانتهت الحال أخيرا بمنهج منح الشهادات بالتقويم بلا تربية ولا تعليم. 
اليوم تنتقل الوزارة من خدمية إلى سيادية ويأتي لها رجل لا تنقصه تجربة الإدارة يرجى منه الكثير لسببين: مكانته المعنوية وتجربته الشخصية، وأمامه ثلاثة تحديات لا يمكن إغفالها:
1 - الجيش القديم من قيادات التعليم الذين لن ينقادوا بسهولة للتغيير وقد ينحنون للعاصفة إن هبت.
2 - الملف الكبير من الدراسات التي جمعت من دول الشرق والغرب والمحاولات الفاشلة التي جربها السابقون لتطبيقها ولم يستطع أحد تمريرها ولا تطبيق المناسب منها.
3 - الدعوى الموروثة من أننا المجتمع الذي يجب أن تكون مناهجه لإصلاح العالم كله وليس له وحده.
ما الذي يمكن أن يفعل الأمير خالد الفيصل أو ما الذي يجب أن يفعل؟ في رأيي أنه لا يستطيع مسح الطاولة بالكامل لتنظيفها من الكم المتراكم من المحاولات الفاشلة ولا من المترددين والممانعين، ولكنه يستطيع الأمور الآتية:
- اختيار قيادات تنفيذية مؤهلة تؤمن بالتطوير ولديها رؤية واضحة لما يجب أن يكون عليه التعليم. 
- تحرير المعلم والمنهج من الأيدلوجيات مهما كان نوعها وتوجهها، فالتعليم مثل الأدب لا يفلح في الإلزام. 
- رفع مستوى المعلم الذي قذفت به مناهج الكليات المتوسطة دون إعداد جيد. 
- إعادة تأهيل المعلم بدورات تكميلية إلزامية يجب النجاح بها قبل عودته للتدريس مرة ثانية.
المجلس التعليمي في كل منطقة:
أما أساس ذلك كله والوزير قادر عليه، فهو القضاء على المركزية التي لم تتخلص منها الوزارة في كل محاولاتها السابقة ولم تجربها مع كثرة ما جربت، وذلك باختيار عدد من التربويين في كل منطقة تعليمية يقومون متضامنين برسم خطط تعليمية واضحة المعالم في منطقتهم ملتزمة بالخطوط العامة لسياسة التعليم العام ويخولون صلاحيات كاملة فيما يرون ويقترحون ويعطون الحرية التامة في تطبيق ما يرونه من خطط وبرامج لمنطقتهم خاصة، فلا يمكن أن ينجح التعليم بدون هذه المساحة من الحرية وأن يكونوا مسؤولين مسؤولية تضامنية مباشرة عن نجاح خططهم أمام الوزير.