تجريم قتلة أسابيع التعليم
شبه أحد الأصدقاء طبيعة مجتمعنا تشبيها ظريفا عندما قال «هذا الشعب إذا مسك طريقا لا توقفه، لأنه لو توقف لحظة من الصعب إعادته بسرعة للمسار» كان ذلك إثر حوار عن الإجازة المدرسية المرتقبة الموسومة
السبت / 21 / جمادى الأولى / 1435 هـ - 01:00 - السبت 22 مارس 2014 01:00
شبه أحد الأصدقاء طبيعة مجتمعنا تشبيها ظريفا عندما قال «هذا الشعب إذا مسك طريقا لا توقفه، لأنه لو توقف لحظة من الصعب إعادته بسرعة للمسار» كان ذلك إثر حوار عن الإجازة المدرسية المرتقبة الموسومة بـ»إجازة منتصف الفصل الدراسي الثاني» وأيد وجهة نظره جميع من تحادثت معهم بشأن الإجازة التي لا أدري على أي أساس تبنتها وزارتا التربية، والتعليم العالي.
أتذكر قديما أن للإجازات مسميات بالفصول الشمسية، وليست الفصول الدراسية، (إجازة الربيع) بين الفصلين الدراسيين لمدة أسبوعين و(إجازة الصيف) الشهيرة بالصيفية وبالإجازة الطويلة، فكان طعمها محببا في الأرواح، لكنه تبدل، فمسمى إجازة الربيع اختفى، وكأن وزارتي التربية، والتعليم العالي رأتا أن أسبوعي إجازة الربيع توأمان سياميان يجب فصلهما تأثرا بعمليات الربيعة الشهيرة، فعمدتا إلى فصلهما، فأفسدت المتعة على المعلم والطالب وأسرهما، فصار مسمى الأسبوع الأول «إجازة ما بين الفصلين» والأسبوع الثاني»إجازة منتصف الفصل الثاني» وعلاوة على طمس بهجة مسمى الربيع في البعد النفسي، فإن أسبوعا واحدا بين الفصلين لا يكفي لجولة خاطفة في المنطقة الإدارية التي يقطنها صاحب الإجازة، ناهيك عن جولة في أرجاء وطننا (القارة) ولا يكفي لإنجاز ما يؤجله المرء من مهام في فترة الدوام. وفوق إفساد المتعة بإجازة تستحق عناء السفر والتحرك بين مناطق المملكة، فقد أثر هذا الفصل على الطلاب أنفسهم، فالطلاب والكثير من الأسر استمرؤوا تطويل إجازاتهم اعتباطيا قبل الإجازة الرسمية فيما أطلقوا عليه زورا «الأسبوع الميت» الذي قتلوه من أجل الاستمتاع بإجازة أطول، فعلاوة على أسابيعهم الميتة قبل الاختبارات في نهاية الفصلين، قتلوا أسبوعا قبل إجازة منتصف الفصل الثاني، وها هي الوزارة الآن تفكر في حل جذري لهذه القضية المزعجة، والأمر في نظري سيصعب حله في معزل عن وزارة التعليم العالي التي تعمل بنظام للإجازات مختلف، فلا بد أن توحد الوزارتان إجازات طلابهما وتتخذا التدابير اللازمة بهذا الخصوص، فليس التسجيل والقبول والحذف والإضافة مبررات لاختلاف الإجازات بين طلاب المرحلتين، وليست المناهج الطويلة عائقا أمام وزارة التربية لو شاءت تقليص الأسابيع الدراسية، خصوصا وهي الآن تدخل الفضاء الأكاديمي من خلال نظام المقررات في المرحلة الثانوية، فلا بد من وقفة حازمة، وقد أصبح «الأسبوع الميت» نسقا اجتماعيا حقيقيا في مدارسنا، وحتى الأسر الحريصة والمحافظة تتجنب إجبار أبنائها على الدوام خشية إصابتهم بمكروه في «الفَلَتان الحاصل» ولا أستبعد مطلقا -كغيري من المتابعين- أن يكون سبب هذه الثقافة الطارئة المقلقة ناشئا من تقديم اختبارات طلاب التعليم العالي أسبوعا على طلاب التعليم العام، وكذلك تأخرهم في استئناف الدراسة بين الفصول الدراسية بأسبوع تتم فيه حركة جداولهم. وعلاوة على ما سبق، فإن فصل أسبوعي الربيع السيامي، يؤثر حتى على حركة القطاع السياحي، فكلنا يعلم أن كثيرا من الأسر تفضل أخذ راحة من عناء الدوام في المنزل بعد الإجازة مباشرة، ثم تسافر للسياحة الدينية أو الاستجمامية داخليا أو خارجيا، لتعود بوقت كاف قبل استئناف الدراسة لترتاح أيضا من عناء السفر. وبعد هذا كله أرجو من المسؤولين في الوزارتين ومن الجهات ذات العلاقة بهذه القضية مراجعة الإجازات وتوحيدها بما يخدم الصالح العام للمجتمع بكل فئاته ومؤسساته، وللعملية التعليمية كلها لطلاب التعليم العام والتعليم العالي، وأهمها ضم الأسبوعين المفصولين إلى بعضهما لإعطاء الناس مساحة أوسع، ثم مواصلة الفصل الدراسي الثاني كاملا دون انقطاع، وإن كان الفصل الثاني طويلا في رأي المسؤولين فلا بأس من إنقاصه أسبوعا، وسن أنظمة ولوائح تجرم غياب الطلاب، للقضاء على ظاهرة موت الأسابيع دون مرض ولا جناية.