جمهورية أفريقيا الوسطى أصبحت كابوسا للمسلمين

لم تستطع حليمة، وهي مسلمة في الخامسة والعشرين من العمر، أن تحبس دموعها عندما التقينا مرة أخرى مؤخرا في بوسمبتيل، على بعد 185 ميلا من بانجي، عاصمة جمهورية أفريقيا الوسطى

لم تستطع حليمة، وهي مسلمة في الخامسة والعشرين من العمر، أن تحبس دموعها عندما التقينا مرة أخرى مؤخرا في بوسمبتيل، على بعد 185 ميلا من بانجي، عاصمة جمهورية أفريقيا الوسطى. كانت تعيش تحت حماية الكنيسة الكاثوليكية بعد أن قتلت الميليشيات أكثر من 80 مسلما في بوسمبتيل. على مدى الأشهر الستة الماضية، كانت مثل هذه الميليشيات تسعى للانتقام بسبب أعمال التدمير والقتل التي قامت بها جماعة سيليكا التي غالبيتها من المسلمين، والتي استولت على السلطة في شهر مارس الماضي في هذا البلد ذي الأغلبية المسيحية. عندما تحدثنا في المرة الأولى، قبل يومين، قالت حليمة إن زوجها ووالد زوجها كانا من بين القتلى، وإنها لا تعرف شيئا عن أطفالها الثلاثة منذ أن هربوا من القتلة. في ذلك الوقت، كان هناك 270 مسلما باقين في بوسمبتيل. بعد 48 ساعة، بقي 80 مسلما فقط – جميعهم تقريا من النساء والأطفال والمعوقين. في هذه الأثناء، وصلت قافلة من الشاحنات التجارية كانت في طريقها إلى الكاميرون. أولئك الذين كانوا أقوياء بما فيه الكفاية استغلوا الفرصة: الأهل هجروا أطفالهم المعوقين، بعض الرجال تركوا زوجاتهم وأطفالهم. كانوا يريدون الهرب بأي ثمن من الكابوس الذي تحولت إليه جمهورية أفريقيا الوسطى للمسلمين الذين دفعوا حياتهم ثمنا لخطايا سيليكا. بالنسبة لحليمة ذات الجسد الهزيل، والتي توقفت عن تناول الطعام، كان الموت يبدو الخيار الوحيد الباقي. كان الذين تخلى عنهم المقربون في كل مكان حولنا..ميكايلا (10 سنوات) وشقيقته زينبو (15 سنة)، كلاهما مصاب بشلل الأطفال، قالا إن والديهما وضعاهما في الكنيسة الكاثوليكية بعد هجوم شهر يناير ولم يعودا مرة أخرى. الحاج تورا (70 سنة)، الذي خسر ذراعيه وقدميه بسبب الجذام، تركه أقرباؤه طريح الفراش في البيت وعثر عليه قسيس بعد ذلك بيومين. القوة الوحيدة في هذه البلدة التي تبدو قادرة على حماية المسلمين الضعفاء هم القساوسة والراهبات في الكنيسة الكاثوليكية في بوسمبتيل. فرنسا والاتحاد الأفريقي نشرا آلاف الجنود في إطار قوات حفظ السلام، الولايات المتحدة وحكومات أخرى قدمت الدعم لقوات حفظ السلام، لكن جهودهم في حماية المدنيين ليست بنفس فعالية الكنيسة. معظم الأماكن التي زرتها مع مصور الفيديو خلال رحلتي التي استمرت 5 أيام كانت فارغة من سكانها المسلمين، على الرغم من وجود قوات حفظ السلام في الكثير من البلدات. القوات الفرنسية والأفريقية قليلة العدد، ولذلك كانت تتصرف بشكل سلبي، وهي غير قادرة على منع أعمال السرقة والتخريب وإشعال النار في بيوت ومحلات المسلمين الذين اضطروا للبحث عن الأمان في مكان آخر..جاليات كاملة من المسلمين اختفت. آخر مسلم بقي في مبايكي، صالح ديدو، قُتِل مؤخراً على يد الميليشيات المسلحة التي قطعت رأسه فيما كان يبحث عن الحماية لدى الشرطة. قبل ثلاثة أسابيع، كانت الرئيسة الانتقالية لجمهورية أفريقيا الوسطى كاثرين سامبا-بانزا ووزير الدفاع الفرنسي قد زارا مبايكي وأعلنا أن البلدة تمثل «رمزا للتعايش المشترك والمصالحة. » الآن رحل الــ 4.000 مسلم الذين كانوا يعيشون فيها، وهُدمت مساجدها.أولئك الذين بقوا، مثل سكان بودا من المسلمين الذين يبلغ عددهم أيضا 4.000، يعيشون في رعب دائم.العائلات المسلمة هناك تتعرض للموت جوعا.قال لي الحاج عبدو، الذي كان يبدو هزيلا وضعيفا، إنه دفن اثنين من أطفاله في اليوم الذي سبق لقاءنا. كانا قد ماتا من الجوع، وكانت زوجته ضعيفة لدرجة أنها لم تستطع الكلام. قوات حفظ السلام أعدادها قليلة جدا ونُشرت بعد فوات الأوان. تحدي نزع السلاح من ميليشيات سيليكا وحماية الأقلية المسلمة كان تحديا كبيرا جدا لم يلق التقدير المناسب. الآن ليس هناك سوى خيار واحد وهو على ما يبدو تسهيل عمليات الإخلاء، مع خطورة المشاركة في التطهير العرقي الذي جاءت قوات حفظ السلام لتمنعه. على مدى الأشهر الستة الماضية، قدمت إدارة أوباما دعما ماليا ولوجستيا لقوات الاتحاد الأفريقي المشاركة في حفظ السلام، وأكثر من 45 مليون دولار كمساعدات إنسانية. عليها أن تفعل أكثر من ذلك لمنع العنف ضد المسلمين، وعليها أن تبدأ ذلك بإعلان تأييدها لقرار مجلس الأمن الدولي الذي سيفوض تشكيل مهمة حفظ سلام وتزويدها بالموارد والخبرات الضرورية لحماية المدنيين. بدون هذا الأمن الأساسي، ستكون إعادة بناء جمهورية أفريقيا الوسطى أكثر كلفة وألما. * واشنطن بوست