ردا على محمد الدحيم: القرآن لا تفسره الفلسفة
تحدث الأخ الزميل محمد الدحيم في مقالة بعنوان: الفلسفة وفهم القرآن، وبين فيها وجهة نظره القائلة بإمكانية وجود فهم فلسفي للقرآن الكريم، مستدلاً على ذلك بعالمية الإسلام، وابن رشد الذي جمع بين الفقه والفلسفة، وكذلك دعواه أن شيخ الإسلام ابن تيمية له باع طويل في الفلسفة، وأنه امتنع عن التأويل لظروف خاصة بعصره فقط، وهذا ما يخفيه عنه تلامذته وأتباعه.
الخميس / 12 / جمادى الأولى / 1435 هـ - 00:00 - الخميس 13 مارس 2014 00:00
تحدث الأخ الزميل محمد الدحيم في مقالة بعنوان: الفلسفة وفهم القرآن، وبين فيها وجهة نظره القائلة بإمكانية وجود فهم فلسفي للقرآن الكريم، مستدلاً على ذلك بعالمية الإسلام، وابن رشد الذي جمع بين الفقه والفلسفة، وكذلك دعواه أن شيخ الإسلام ابن تيمية له باع طويل في الفلسفة، وأنه امتنع عن التأويل لظروف خاصة بعصره فقط، وهذا ما يخفيه عنه تلامذته وأتباعه. سنلخص الرد بالنقاط الآتية: 1. إن القرآن الكريم عالمي، وعالميته تقتضي سهولة فهمه من الناطق بالعربية، والأعجمي إن فسر له معانيه تفسيرا صحيحا، بحيث يكون في متناول الإنسان أياً كان لونه وعرقه ولسانه، يدل على ذلك، قوله تعالى: (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا)، (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، أما الفلسفة فهي عبارة عن طلاسم وألغاز، لا يقوى على فهمها الخاصة فكيف بالعامة، فلا تستطيع مقاربة الكتاب العزيز، ولا الولوج من خلالها إليه، فمحال للباطل أن يكون المفسر والشارح والموضح للحق المبين. 2. إن القرآن ليس بحاجة إلى علم الطب والهندسة والفضاء والبحار.. الخ كي يفسره ويوضح معناه، بل هذه العلوم وغيرها بحاجة إلى القرآن الكريم كي تستخرج الدرر النفيسة التي يحتويها هذا الكتاب الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والذي يوفر على العلماء في كل فن وتخصص الكثير من الجهد في الوصول إلى هذه النتيجة أو تلك الحقيقة مما سبق القرآن وأقرها قبل أربعة عشر قرنا. 3. إن من يريد أن يفسر القرآن لا بد أن تتوفر فيه الشروط التي أقرها علماء الشريعة في المفسر، ولا يحق بأي حال من الأحوال لكل من هبّ ودبّ أن يفسر القرآن على وفق هواه ومشربه. 4. إن الفلسفة من العلوم التي لا تؤمن بالنص الصحيح، ولا تُسلم لنتاج العقل الصريح، لأنها قائمة على الخيال والخرافات والأوهام والتكهنات والشكوك، وخير شاهد على ذلك التعارضات والتناقضات القائمة بين الفلاسفة أنفسهم، وتلك الموجودة في مؤلفات الفيلسوف الواحد، ولهذا من حاول التقريب بين الإسلام والفلسفة ظل الطريق ووقع في المحذور، كأمثال الفلاسفة المنتسبين للإسلام، ومنهم: الكندي، وابن سنا، وبن رشد، والفارابي، وغيرهم. 5. إن العلماء المجتهدين أفتوا بتحريم تعلم وتعليم الفلسفة، وألزموا ولاة الأمر بتنفيذ هذه الفتوى بقوة السيف، حفاظاً على عقيدة الأمة، وحقنا لعقول الشباب من العبث فيها بما يضر ولا ينفع. 6. أما الاستدلال بأن شيخ الإسلام له باع طويل في الفلسفة، وإنما نهى عن التأويل لظروف عصره، فهذا غير مسلم به، لأنه معروف بمنهجه، وأيضا بموقفه من الفلسفة والمنطق، وكذلك الفلاسفة ومن تأثر بهم من المتكلمين، فقد رد عليهم وفند حججهم وأفحمهم بالنقل والعقل، بل فعل على عكس الفلاسفة إذْ هم يجرون النصوص إلى الفلسفة، وهو يجر العقل إلى خدمة النقل، فهدم كثيرا من قضايا العقل التي يظنها الناس ضرورية، وأقام مكانها أخرى تتلاءم مع نصوص الشرع الصريح، وبحيث لا تحتاج إزاء هذه النصوص إلى إنكار أو تأويل ، وكتبه خير شاهد بذلك. 7. أما الاستدلال بابن رشد الذي جمع بين الفقه المالكي والفلسفة في مؤلفاته، فهذا وإن صح ليس بحجة ملزمة. 8. وعلى ضوء ما سلف يتبين أنه لا يمكن بحال من الأحوال فلسفة القرآن، والممكن تفسيره وفق قيود وضوابط معتبرة شرعا، وليس الخلف بأحسن حال من السلف، ولسنا هنا ضد كلمة «فلسفة»، بل ضد مضمونها ومحتواها، إذْ لا مشاحة في الاصطلاح.