حب يسري في العروق

قد يؤتي اللهُ رجلاً المال الكثير

قد يؤتي اللهُ رجلاً المال الكثير..وقد لا يُنعم عليه معه بحب الناس..وهو الخير الوفير، وقد يُعوضُ آخر بحب الناس عن المال.

ولأن عطاء ربك غير محدود فقد يعطي واحداً من الناس المال وحب الناس..وذلك لعمري..هو العطاء الكبير من المنعم القدير. والمال وحُب الناس قد يكونان ضدين أحيانا، لا يلتقيان، فالمال قد يشغل صاحبه عن الناس..

والناس لا تحب إلا من يحبها..وحب الناس ليس ادعاءً بل هو عمل يقدمه صاحب المال ويستفيد منه الناس دون منة أو تفضل أو مباهاة..

أسوق هذه المقدمة توطئةً لتهنئة صادقة لصديقي الأخ عبدالرحمن فقيه بمناسبة عودته إلى الوطن الغالي بعد رحلة عمل اعتادها لحضور بعض المعارض وإنجاز بعض الأعمال. وكانت إرادة الله الذي أسأله أن تكون أجراً وعافية..فتعثر صديقي وسقط وأصابه كسر..أرجو الله أن يجبره سريعا ليعود كما كان سليما معافى. فحمداً لله على سلامته التي سُرّ بها كلُّ محبيه وأنا واحد منهم. وربما أراد الله لما حدث أن يحدث لينعم الصديق والأخ عبدالرحمن فقيه بشفاء تام وعاجل..

بعون الله..ثم ليسعد بهذا الكم الكبير والأصيل من الوفاء الذي يسري في عروق أبناء مكة المكرمة وجدة لواحد من كبرائهم ولوجيه من وجهائهم قدم الكثير من الأعمال الرائعة..

والتي أعمل فيها فكره المحب لهذه الأرض الطيبة وسخر لها جهده المخلص على مدار سنوات طوال في طرح ومتابعة العديد من المشاريع الحضارية التي أسهمت في إضفاء شكل حضاري وطبيعي يتناسب مع قدسية المكان واحتياجات السكان. ولعله من أبسط حقوق الوفاء أن نبادر كلّ محسن في حياته قائلين: (أحسنت) لأن لهذا القول مفعول السحر..حين نكرم بالشكر الأعمال الجليلة التي تقدم للناس والوطن، وقد لا يكون المحسن دائما في حاجة للإشادة والشكر إذا ما استقر في أعماقه أنه يقدم ما يقدم لوجه الله ثم العيون للناس..

وقد يكون هذا صحيحا، لكن العرفان والشكر هما الوقود المحرك لاستمرار الرغبة في العطاء واستكمال البناء..

فالرجل الذي فكر في الإسهام في تنمية الثروة الداجنة وسهل للناس الحصول عليها بأسعار يطيقونها..من خلال مشروع رائد كان به السَّباق..رجل يستحق الشكر..والرجل الذي فكر في غرس الأشجار في عرفات ليوفر الظلال للواقفين عليها يستحق الشكر..

والرجل الذي حول بيوتا قديمة وعزلاً متهالكة يمر بها الذاهب إلى البيت الحرام والعائد منه على مدار اليوم والليلة..حولها إلى صرح معماري رائع الطراز عبر شركة مكة للمقاولات ليضيف إلى جمالية البناء في عمارة المسجد الحرام جمالاً جديداً..يستحق الشكر..

وحينما يواصل أعمال البناء والتشييد عبر شركة جبل عمر لإخراج زاوية معمارية جديدة تطل على البيت العتيق يسعد بها الملاكّ والزائرون..يستحق الشكر..

هذا الشكر الذي تجلى في توافد العشرات، بل المئات وأكثر لزيارته والاطمئنان عليه في المستشفى، وحين ضاق بهم المكان على رحابته..آثر على الرغم من ألمه أن ينتقل إلى منزله ليجنب نزلاء المستشفى من المرضى إزعاجا لا يريده لهم. إن هذا التفاعل بينه وبين محبيه حقيقة تجسد مدى التلاحم والتراحم الذي يجمع أبناء هذه الأرض المقدسة. وأنا على يقين أن الكثير من زائريه اليوم لم تكن لهم معه مصلحة بالأمس ولن تكون لهم في الغد..ولكنه الوفاء لهذه الشخصية الخيّرة جاء بهم جميعا تعميقا للخير والمحبة. كيف لا وهو الداعم لمشاريع مكة المكرمة..وهو الرجل الذي وقف مع نادي مكة المكرمة (الوحدة)..ومع جريدة الندوة في مكة المكرمة عضواً وداعما، وهو المساهم الآن في صحيفة مكة..وهو الذي تجده جزءًا من كل خير يراد بمكة أو لمكة.

ولعلني أهدف من هذه السطور إلى دفع الناس ليكونوا دائما شهداء للخير وعلى الخير، فبالخير تصلح النفوس وبه تنعم القلوب، وهو الدرع الواقي من هجمات الشر التي لا يخمد نارَها إلا خير دائم في القول والعمل..فإذا تعاظم الخيرُ وكثر..تضاءل الشر واندثر..وخنس الشيطان وانكسر. أقول هذا معتمداً على الله ثم على الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها، ثم على طبيعة الموقع الذي يحيط بالبيت العتيق والذي يجب أن يظل في عيوننا نوراً ينير لنا كل درب..ويصحح لنا كل خطوة إذا ما حادت عن طريق الفطرة. أكرر تهنئتي لأخي العزيز عبدالرحمن فقيه..والتحية لكل الأوفياء..وأبتهل إلى الله أن يحفظنا جميعا من كل سوء وأن يوفقنا لما يحب ويرضى.

saleh@makkahnp.com