موازنة الاستثمار في الإنسان

مثلما كان متوقعا فقد حملت الميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد ما يؤكد الرؤية الثاقبة للقيادة في قراءة الأحداث والتطورات السياسية والاقتصادية المتلاحقة التي يشهدها العالم من حولنا.

مثلما كان متوقعا فقد حملت الميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد ما يؤكد الرؤية الثاقبة للقيادة في قراءة الأحداث والتطورات السياسية والاقتصادية المتلاحقة التي يشهدها العالم من حولنا. لقد كشفت الأرقام التي أعلن عنها أمس أن الموازنة نجحت باقتدار في تجاوز الأزمة المالية العالمية وتداعياتها، وتخطت التحديات التي فرضها تدني أسعار النفط، وذلك من خلال الإبقاء على المكتسبات التنموية وإقرار ميزانية قادرة على مواصلة مسيرة العطاء للإنفاق على المشاريع الضخمة وتحقيق الرفاه للمواطن. ولعل المقاربة الفريدة التي أوجدتها الموازنة انعكست ملامحها في مراكمة الاحتياطات الأجنبية لمؤسسة النقد. فقد وظفت الدولة الفوائض المالية المتحققة من ارتفاع الإيرادات العامة للدولة خلال السنوات الماضية في بناء احتياطات مالية ضخمة وخفض الدين العام، مما يعطي عمقا وخطوط دفاع صارمة تُجرى الاستفادة منها حاليا لسد أي ثغرات يمكن أن تنجم عن تقلبات الاقتصاد العالمي. الميزانية أكدت بشكل لا لبس فيه على أن التنمية البشرية هي أساس التنمية الشاملة، وذلك بضخ موارد إضافية في قطاعات التعليم والصحة والشؤون الاجتماعية، بل إن الأرقام المعلنة كرست للنهج الشمولي للتنمية من خلال التأكيد على موازنة احتياجات الجيل الحالي والأجيال اللاحقة من خلال حزمة ميكانيزمات تستهدف التوظيف الأمثل للموارد، وفتح آفاق تنموية جديدة تضمن استمرار الدورة التنموية. إن التركيز على تعزيز التوجهات نحو تنويع مصادر الدخل من خلال تشجيع الاستثمارات الجديدة يعكس هو الآخر ثقة رؤوس الأموال في الاقتصاد السعودي. ومهما يكن فإن المكتسبات تفرض في المقابل حزمة تحديات، في مقدمتها أنها وضعت القطاع الخاص أمام مسؤولية كبيرة في رفد هذه الجهود والمضي قدما في إيجاد صناعات تنافسية وتعزيز وتيرة توطين الوظائف. صفوة القول أن فصول الموازنة تجسد بعمق ما أكد عليه خادم الحرمين الشريفين وحرصه على الاستثمار الأمثل للموارد لخدمة المواطنين، وأن الاستثمار في الإنسان هو أساس عماد النهضة المجتمعية، مع مراعاة احتياجات وحقوق أجيال المستقبل أسوة بالجيل الحالي.