جيل اليوم والنصائح العابرة
الثلاثاء / 25 / جمادى الآخرة / 1447 هـ - 23:41 - الثلاثاء 16 ديسمبر 2025 23:41
في زمن تتسارع فيه وتيرة الحياة وتسيطر فيه الأجهزة الذكية على تفاصيل يومنا، لم يعد مستغربا أن يسهر الأطفال حتى ساعات متأخرة من الليل، أو أن تزداد أوزانهم تدريجيا، أو أن يصبحوا أكثر عرضة لبعض الأمراض المكتسبة في سن مبكرة، والأخطر من ذلك أن هذه الظواهر باتت تعامل على أنها 'أمور طبيعية'، في حين أنها في الواقع مؤشرات واضحة على وجود خلل عميق في إيصال التوعية لجيل اليوم.
والواقع أن كثيرا من الأسر ما زالت تركز على التوعية الاجتماعية والسلوكية بصيغتها التقليدية، مستخدمة عبارات يومية مألوفة مثل 'روح نام يا ولدي الوقت متأخر'، 'لا تجلس كثير على الأجهزة وروح ذاكر'،.. وغيرها من العبارات التي تتكرر يوميا، دون أن يربط هذا التوجيه الأسري للأبناء بجوهره الصحي وأثره المباشر على نموهم الجسدي والنفسي ومستقبلهم الصحي.
والمشكلة ليست في النصيحة ذاتها، بل في طريقة تقديمها ومضمونها، فالأطفال اليوم يعيشون في عالم رقمي مفتوح، لا تكفي فيه الأوامر المجردة لإحداث تغيير حقيقي في السلوك، فمع غياب التفسير الصحي المقنع، تتحول النصائح المتكررة إلى كلمات عابرة لا تلامس وعي الأطفال ولا تدفعهم لاتخاذ قرار صحي نابع من القناعة، فالتعامل مع الأطفال في مختلف مراحلهم العمرية اليوم يحتاج إلى خطاب صحي مبسط ومقنع، لا إلى توجيه سلوكي جاف، فمثلا لا بد أن يدركوا تماما أن النوم المبكر ليلا ليس مجرد التزام بالوقت، بل ضرورة حيوية تفرز خلالها هرمونات تضبط إيقاع الساعة البيولوجية للجسم، ويبرز من بينها هرمون النمو المرتبط بالنمو الطولي، والذي يلعب دورا أساسيا في الوقاية من قصر القامة واضطرابات النمو، كما أن الأكل غير الصحي لا يؤدي إلى زيادة الوزن بشكل مفاجئ، بل يراكم الدهون تدريجيا، ومع مرور الوقت يمهد للسمنة ومضاعفاتها الصحية، وعلى رأسها ارتفاع احتمالية الإصابة بداء السكري من النوع الثاني في سن مبكرة، أما الجلوس لساعات طويلة خلف الشاشات والألعاب الالكترونية، فلا يقتصر ضرره على ضعف التركيز أو إجهاد العين، بل يمتد ليشمل آلام العمود الفقري، ضعف اللياقة البدنية، اضطرابات النوم، واختلال التمثيل الغذائي، بالإضافة إلى أن غياب ممارسة الرياضة ولو لمدة نصف ساعة يوميا ينعكس سلبا على صحة القلب والعضلات والمناعة، ويؤثر كذلك على الصحة النفسية ومستوى النشاط والثقة بالنفس لدى الأطفال.
ولا شك في أن الإهمال الصحي لا ينعكس على الجسد وحده، بل يمتد إلى نفسية الأطفال وشخصيتهم، فقلة النوم تؤثر على المزاج والانتباه والانفعالات، والسمنة ترتبط بانخفاض تقدير الذات والعزلة الاجتماعية، بينما يؤدي الإفراط في استخدام الشاشات إلى زيادة القلق والتشتت، وهنا تتجلى العلاقة الوثيقة بين الصحة الجسدية والصحة النفسية، باعتبارهما وجهين لعملة واحدة لا ينفصلان.
ولا تكتمل منظومة التوعية الصحية دون الإشارة إلى دور المدرسة، بوصفها شريكا أساسيا للأسرة، فالأطفال يقضون ساعات طويلة داخل المدرسة، ومع ذلك قد لا يحظون بالنشاط البدني الكافي أو التوعية الصحية المستمرة، فتعزيز التعاون بين البيت والمدرسة يسهم في ترسيخ نمط حياة صحي متكامل، بدل الاكتفاء برسائل متفرقة لا تحقق الأثر المطلوب.
والحقيقة التي لا يمكن تجاهلها أو إنكارها أن جيل اليوم لا يستجيبون لأسلوب 'لأنني قلت ذلك'، بل يتفاعلون مع المعلومة المصورة، والمقارنة الذكية، والتحديات الصحية البسيطة، كتشجيعهم على ممارسة الحركة يوميا، أو تقليل تناول الوجبات السريعة والمشروبات الغازية تدريجيا، فالتوعية الصحية الناجحة هي التي تخاطب عقولهم بلغتهم وتواكب واقعهم، فتحقيق التوازن واستقرار الصحة العامة للأطفال لا يحتاجان إلى تغييرات جذرية مفاجئة، بل إلى خطوات بسيطة تتحول إلى أسلوب حياة، وتصنع فارقا حقيقيا ومستداما.
خلاصة القول: أطفالنا اليوم يعيشون في عالم مليء بالتحديات والمغريات، حيث لم تعد الكلمات العابرة وحدها كافية لتوجيههم، فالصحة الحقيقية تبدأ بفهم الأطفال لأهمية كل عادة صغيرة، فالنوم المبكر ليس مجرد أمر، بل سر لنموهم وطول قامتهم، وأن الطعام الصحي ليس مجرد خيار بل درع يحميهم من الأمراض المستقبلية، والحركة اليومية ليست عبئا، بل مفتاح لقوة اجسادهم وعقولهم، فلنحول نصائحنا من كلمات عابرة إلى أسلوب حياة ينبض بالصحة والنشاط، ليكبر أطفالنا أقوياء متوازنين ومستعدين لمواجهة الحياة بثقة وحيوية.
والواقع أن كثيرا من الأسر ما زالت تركز على التوعية الاجتماعية والسلوكية بصيغتها التقليدية، مستخدمة عبارات يومية مألوفة مثل 'روح نام يا ولدي الوقت متأخر'، 'لا تجلس كثير على الأجهزة وروح ذاكر'،.. وغيرها من العبارات التي تتكرر يوميا، دون أن يربط هذا التوجيه الأسري للأبناء بجوهره الصحي وأثره المباشر على نموهم الجسدي والنفسي ومستقبلهم الصحي.
والمشكلة ليست في النصيحة ذاتها، بل في طريقة تقديمها ومضمونها، فالأطفال اليوم يعيشون في عالم رقمي مفتوح، لا تكفي فيه الأوامر المجردة لإحداث تغيير حقيقي في السلوك، فمع غياب التفسير الصحي المقنع، تتحول النصائح المتكررة إلى كلمات عابرة لا تلامس وعي الأطفال ولا تدفعهم لاتخاذ قرار صحي نابع من القناعة، فالتعامل مع الأطفال في مختلف مراحلهم العمرية اليوم يحتاج إلى خطاب صحي مبسط ومقنع، لا إلى توجيه سلوكي جاف، فمثلا لا بد أن يدركوا تماما أن النوم المبكر ليلا ليس مجرد التزام بالوقت، بل ضرورة حيوية تفرز خلالها هرمونات تضبط إيقاع الساعة البيولوجية للجسم، ويبرز من بينها هرمون النمو المرتبط بالنمو الطولي، والذي يلعب دورا أساسيا في الوقاية من قصر القامة واضطرابات النمو، كما أن الأكل غير الصحي لا يؤدي إلى زيادة الوزن بشكل مفاجئ، بل يراكم الدهون تدريجيا، ومع مرور الوقت يمهد للسمنة ومضاعفاتها الصحية، وعلى رأسها ارتفاع احتمالية الإصابة بداء السكري من النوع الثاني في سن مبكرة، أما الجلوس لساعات طويلة خلف الشاشات والألعاب الالكترونية، فلا يقتصر ضرره على ضعف التركيز أو إجهاد العين، بل يمتد ليشمل آلام العمود الفقري، ضعف اللياقة البدنية، اضطرابات النوم، واختلال التمثيل الغذائي، بالإضافة إلى أن غياب ممارسة الرياضة ولو لمدة نصف ساعة يوميا ينعكس سلبا على صحة القلب والعضلات والمناعة، ويؤثر كذلك على الصحة النفسية ومستوى النشاط والثقة بالنفس لدى الأطفال.
ولا شك في أن الإهمال الصحي لا ينعكس على الجسد وحده، بل يمتد إلى نفسية الأطفال وشخصيتهم، فقلة النوم تؤثر على المزاج والانتباه والانفعالات، والسمنة ترتبط بانخفاض تقدير الذات والعزلة الاجتماعية، بينما يؤدي الإفراط في استخدام الشاشات إلى زيادة القلق والتشتت، وهنا تتجلى العلاقة الوثيقة بين الصحة الجسدية والصحة النفسية، باعتبارهما وجهين لعملة واحدة لا ينفصلان.
ولا تكتمل منظومة التوعية الصحية دون الإشارة إلى دور المدرسة، بوصفها شريكا أساسيا للأسرة، فالأطفال يقضون ساعات طويلة داخل المدرسة، ومع ذلك قد لا يحظون بالنشاط البدني الكافي أو التوعية الصحية المستمرة، فتعزيز التعاون بين البيت والمدرسة يسهم في ترسيخ نمط حياة صحي متكامل، بدل الاكتفاء برسائل متفرقة لا تحقق الأثر المطلوب.
والحقيقة التي لا يمكن تجاهلها أو إنكارها أن جيل اليوم لا يستجيبون لأسلوب 'لأنني قلت ذلك'، بل يتفاعلون مع المعلومة المصورة، والمقارنة الذكية، والتحديات الصحية البسيطة، كتشجيعهم على ممارسة الحركة يوميا، أو تقليل تناول الوجبات السريعة والمشروبات الغازية تدريجيا، فالتوعية الصحية الناجحة هي التي تخاطب عقولهم بلغتهم وتواكب واقعهم، فتحقيق التوازن واستقرار الصحة العامة للأطفال لا يحتاجان إلى تغييرات جذرية مفاجئة، بل إلى خطوات بسيطة تتحول إلى أسلوب حياة، وتصنع فارقا حقيقيا ومستداما.
خلاصة القول: أطفالنا اليوم يعيشون في عالم مليء بالتحديات والمغريات، حيث لم تعد الكلمات العابرة وحدها كافية لتوجيههم، فالصحة الحقيقية تبدأ بفهم الأطفال لأهمية كل عادة صغيرة، فالنوم المبكر ليس مجرد أمر، بل سر لنموهم وطول قامتهم، وأن الطعام الصحي ليس مجرد خيار بل درع يحميهم من الأمراض المستقبلية، والحركة اليومية ليست عبئا، بل مفتاح لقوة اجسادهم وعقولهم، فلنحول نصائحنا من كلمات عابرة إلى أسلوب حياة ينبض بالصحة والنشاط، ليكبر أطفالنا أقوياء متوازنين ومستعدين لمواجهة الحياة بثقة وحيوية.