الرأي

عندك كلمة طيبة؟.. قلها

أحمد مجرشي
الناس الذين تحتك بهم وتقابلهم خلال يومك يختلف قربهم وبعدهم منك. منهم من تعرف عنهم كل شيء وتعرف ظروفهم جيدا، مثل أهلك وأبنائك، وهؤلاء يسهل إلى حد ما التعامل معهم، والتكيف مع أمزجتهم؛ لأنك على اطلاع تام بما يحيط بهم فتعاملهم وفق الظروف التي هم فيها.

ومنهم تراه كثيرا وتقابله في أوقات كثيرة وتعرف كثيرا من أموره وخلفيات ظروفه - ولكن دون الفئة السابقة - كأصدقائك المقربين وبعض أقاربك الذين تراهم باستمرار، وهؤلاء - وإن كان بينك وبينهم ميانة - إلا أنه يبقى هناك خطوط حمراء من الخصوصية تقف عندها ولا تتجاوزها، ستشاركهم بلا شك أفراحهم وأتراحهم ولكن إلى حد ما.

ولست هناك في صدد الحديث عن هاتين الفئتين بالرغم من أهمية تفنيد هذه العلاقة وتأطيرها؛ لأهميتها البالغة في حياتك، وأثرها الكبير عليك؛ لأنها محيطك القريب، ودوائرك الصغيرة التي تعنيك أكثر من أي أشخاص آخرين.

حديثي - يا سادة - عن فئة ثالثة أنت أقل احتكاكا بهم وقد يقل أو يكثر أحيانا الالتقاء بهم، كزملاء العمل أو من تلتقي بهم عرضا في برامج مؤقتة، هؤلاء لا تعرف عنهم شيئا، ولا تعرف ظروفهم وما يمرون به، لكن قدر الله جمعك بهم في مكان واحد ولساعات، فأنت مجبر على التعامل معهم والحديث معهم وربما الأكل والشرب معهم، هؤلاء تحديدا يجب عليك أن تظهر أجمل ما فيك تجاههم، سواء كنت رئيسا أو مرؤوسا أو مساويا لهم في الرتبة، والوقت الذي يجمعك بهم سرعان ما ينتهي بانتهاء وقت الدوام، أو العمل الذي كلفتم به، ولن يبقى بعد ذلك إلا الذكر الحسن أو العكس، هؤلاء ابتسامتك لأحدهم تخفف عن كاهله هما أحضره معه للعمل، وسلامك على أحدهم بحرارة وسؤالك عن أحواله أو والديه أو أبنائه يشعره بأن هناك من يهتم له ولو للحظة عابرة، وإذا ذهبت إلى أبعد من ذلك وقلت لزميلك: أراك مهموما (عسى ما خلاف) فأنت هنا صرت الطبيب لجروحه، ولن ينسى لك هذا الموقف حتى لو واسيته بالكلام فقط، أو اقترحت عليه حلا لمشكلته، أو ذكرته بأن أقدار الله تجري على كل مخلوق.

جرب أن تطلق على زملائك أوصافا تسعدهم، مثل: أنت الخبير بيننا ومرجع لنا، أنت محور أساسي في العمل يا مهندس، أهلا بالزميل المثالي في الإنجاز والانضباط.

هذه الكلمات لا تكلفك شيئا وتعني الكثير للطرف الآخر فلا تبخل بها، من أحب المعلمين إلى قلبي 'أبو مشاري' كان كلما قابلني في الممرات يبادرني بسؤال: أهلا أحمد، كيفك؟ وهو أستاذ قدير وأنا في المرحلة الابتدائية، وقد مر على هذه المواقف الصغيرة سنوات وسنوات وما زلت أتذكرها جيدا فتسعدني أسعده الله في الدنيا والآخرة.

فجودوا - أيها البخلاء - بما حباكم الله به من خيرات الكلمات، وانثروها على رؤوس المهمومين عل الله أن يخفف بها من أحمالهم ويأجركم عليها، فما عندكم من الله، فلا تحرموا منه عباده، فالله يجزي على الحسنة بعشر وزيادة.