الرأي

سوريا الجديدة... بعد عام على الانتصار

أحمد محمد القزعل
يمضي عام كامل منذ انتصار الثورة السورية، ذلك الانتصار الذي لم يكن مجرد سقوط نظام أو تبدل في الرموز، بل كان بداية لصحوة أمل ولإعادة تعريف سوريا من جديد، فسوريا ليست أرضا عابرة للتاريخ، بل هي مهد للحضارات ومنبع للثقافات، ولقد شهدت على عصور ازدهار البشرية جمعاء، أن عراقة الأرض تلزم أهلها أن يحافظوا على كرامتها وأن يحترموا إنسانها وأن يعيدوا بناء قيمتها.

الحديث اليوم عن: سوريا الغد وبناء الوطن على قواعد احترام الكرامة والعدالة والمواطنة الحقيقية، ثم إعادة إعمار الإنسان والبلاد وإعطاء الجميع فرصة للمشاركة في بناء سوريا الجديدة.

لقد عاشت سوريا عقودا من القمع والخوف وإرهاب السجون وصناعة الطغاة، كانت تجربة قاسية بحق، وإذا كنا قد انتصرنا على ذلك الظلم، فعلينا أن نؤسس لعقلية تعليمية وطنية وأخلاقية وإنسانية جامعة، تعلم بأن الوطن ليس ملك فرد أو حزب إنما ملك المواطنين، وأن الحق والحرية والعدالة يجب أن تكون لكل مواطن بلا تمييز.

التربية على الوعي تعني أن نغرس في الأجيال الجديدة معنى المسؤولية تجاه وطنهم، تجاه جرح الأخ وجيرانهم: من فقد بيته ومن هجر ومن اعتقل ظلما، والتاريخ يقرأ؛ لنتعلم كيف يكون الإنسان حرا، كيف يكون الوطن لنا جميعا، كيف يكون الوطن عدلا ومواطنة.

اليوم الإصلاح الحقيقي هو أن نعيد صياغة روح الوطن: روح تعارف لا تعصب، حوار لا كراهية، تضامن لا تمييز، أن نعيد الثقة بين السوري والسوري، بين مواطن وآخر، بين جماعات متنوعة، أن نؤمن أن العدالة ليست انتقاما، بل حق لكل مظلوم، أن الحرية ليست شعارا يردد بل حياة تعاش بكرامة، أن الديمقراطية ليست مناسبة يحتفل بها بل منهج يمارس يوميا .

إن نهضة سوريا اليوم تحتاج إلى المشاركة الجماعية في البناء: الدولة تؤسس، المجتمع يراقب، النخب الثقافية والفكرية تساهم، والشباب يحمل الأمل، كل بدوره، كل بمسؤوليته، وكل باسمه، وهذا هو معنى الديمقراطية الحقيقية والمواطنة.

دعونا نعيد صياغة سوريا في أذهاننا: وطن العدالة ووطن الكرامة ووطن الأخوة ووطن المواطنة، وطن لا يميز بين أحد، وطن يتسع لكل من أراد فيه سلاما وبناء وخيرا.