الرأي

قصور المدخل الالكتروني في ناجز وأثره على مذكرة الدفاع

عبدالله قاسم العنزي
في قاعة القضاء الحديثة، لم تعد الأوراق تتكدس فوق الطاولات، ولم يعد المراجع ينتظر طويلا عند النوافذ الحديدية. فكل شيء أصبح يمر عبر نافذة واحدة اسمها (ناجز) بوابة الكترونية استطاعت أن تحدث الفرق، وتقرب المسافة بين المواطن والعدالة. غير أن هذه القفزة الرقمية - رغم أهميتها - حملت معها ثغرة لم يلتفت إليها المسؤولون في وزارة العدل، لكنها أصبحت أكثر وضوحا لدى المتقاضين.!!إنها قصور المدخل الالكتروني للمذكرة الدفاعية الأولى يا سادة.! ذلك النموذج الذي صمم ليكون بداية الدفاع، فإذا به يقيد الدفاع من بدايته، عندما يدخل المتقاضي إلى ناجز ليقدم مذكرته الأولى، يجد نفسه أمام نموذج مقيد، يطالبه بملء خانات محددة، وكأن النزاع القضائي معادلة رياضية بسيطة يمكن تلخيصها في ثلاث جمل. بينما الواقع القضائي أكثر تعقيدا: فهناك وقائع متشابكة، ودفوع يجب تقديمها في أول جلسة، تحتاج إلى تفصيل، لا نقول سردا طويلا ولكن نقاط جوهرية مهمة ومنتجة في مذكرة الدفاع الأولى التي بات القصور الالكتروني في ناجز عائقا أمامها.!ولذلك أضطر أنا كـ(محام) أن أقول في الجلسة الأولى هذه العبارة (ولما كان نموذج المذكرة الدفاعية المعتمد في منصة ناجز لا يتيح - بحكم محدودية خاناته وتقيده بنصوص مختصرة - وتعذر إبداء دفوعي الجوهرية والمنتجة فيما أدفع به، ولبيان ما يلزم ربطه من الأدلة والحجج، ولتعذر تقديم دفاعي على وجهه التام من خلال المدخل الالكتروني. عليه، فإنني أتمسك بحقي في إبداء كامل دفوعي في (الدردشة الافتراضية للجلسة القضائية) والسادة القضاة متفهمون جدا لهذا الأمر، وقد يكون هناك - ولم أر ذلك - من يقول إن الدفع المقدم الذي بدأ به المدعى عليه في النظام الالكتروني (ناجز) هو المعتمد، وهذه إشكالية لربما بعض المسؤولين في وزارة العدل لم يلتفتوا لحلها!أقول أيها السادة: إن التقنية التي لا تفهم طبيعة القضاء وتراكيب القضايا وتنوعها وعلى ذلك تتحول إلى قيد عليه، ومدخل البيانات بات بابا ضيقا يمر منه الجميع مع مختلف قضاياهم وتعقيداتها، فالقضية البسيطة - أمرها عوافي - أما القضايا الأخرى فتختلف، وفي واقع التقاضي تضييق ومحدودية المدخل الالكتروني ليسا خيارين ناجحين ليعالجا الإسهاب والإطناب والحشو!ومن المفارقة أن التحول الرقمي جاء ليسهل الوصول إلى العدالة، لكنه - دون قصد - أوجد تحديا جديدا في قلب العملية القضائية: كيف يدافع الخصم إذا لم يجد مساحة يكتب فيها دفاعه؟ وكيف يقنع القاضي إذا لم يتمكن من تقديم دفوعه؟ وكيف تكتمل العدالة إذا بدأ الطريق إليها بنقص في المعلومات؟إذاً ما هو (الحل)؟ إعادة تصميم المدخل الالكتروني لمذكرة الدفاع الأولى ليعكس دورة التقاضي الحقيقية، كأن يكون نموذجا مفتوحا - مثلا - يسمح دون إسهاب، بكتابة الدفع الجوهري مع إرفاق مذكرة كتابة تبين الوقائع والدفوع والأدلة دون قيود ممغنطة.كما أن قصور المدخل الالكتروني في ناجز ليس نهاية الطريق، بل بداية الإصلاح. ويبدأ من جعل الخوارزميات تأتي طوعا لتحقق العدالة - وهذه وجهة نظر أخرى - أن يجتمع فريق من السادة القضاء - وأقصد قضاة الاستئناف - بكتابة السيناريو المحتمل والمتوقع بحكم خبرتهم ومراسهم في ساحات القضاء، ثم يقوم مهندس التقنية بصناعة مدخل سهل الاستخدام لا يشوبه قصور ولا تقييد.ختاما: إن القضاء ليس شاشة، ولا خانة، ولا نموذجا جامدا. القضاء نزاع بين طرفين، ولهذا يحتاج إلى فهم في صناعة مدخل الكتروني في منصة (ناجز) لا يشوبه قصور في إدخال بيانات الادعاء أو الدفاع.expert_55@