بين صلة الرحم وحماية النفس: كيف نصنع توازنا لا يجرحنا؟
الاثنين / 17 / جمادى الآخرة / 1447 هـ - 20:26 - الاثنين 8 ديسمبر 2025 20:26
أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى أحد أهم أصول الحياة التي يقوم عليها الفكر الإنساني الاجتماعي حين قال «لا ضرر ولا ضرار»، فكانت هذه القاعدة حاكمة على كل أنواع السلوك الإنساني، جامعة لكل أصناف المفاهيم التي على أساسها تقوم صحة الإنسان النفسية داخل محيطه الأسري ثم الاجتماعي الأوسع!العلاقات الأسرية والعائلية، والقضية الشائكة كثيرا في حياتنا والتي تقوم على أساس أمر ديني واضح يتصل بضرورة وصل الرحم، كل ذلك يمثل في سلوك الإنسان حالة نجاح أو فشل في صناعة التوازنات التي أرشدنا إليها الحديث النبوي الشريف عندما قرر لنا بأن الضرر في الإسلام هو أمر محظور أن نحدثه في أنفسنا أو على غيرنا!التواصل الأسري قيمة أخلاقية لا يمكن القفز عنها حتى لو كانت البيئة الأسرية طاردة، وصلة الرحم قيمة دينية لا يمكن تجاوزها مهما كانت الظروف غير مواتية لصناعة علاقات أسرية صحية، ولكن ميزان كل تلك القيم الراسخة في الدين والموروث الفكري يأتي من خلال فهمنا بأن كل علاقة إنسانية جبرية هي علاقة ستندرج دائما تحت الوصية النبوية الشريفة «لا ضرر ولا ضرار»، وأن لأنفسنا علينا حقوقا، ومن أعظم حقوق النفس هو حق الكرامة الإنسانية، حيث كرمنا الله كما نص كتابه، وكل هذه المعايير هي الحاكمة على نمط وطريقة وأسلوب تفاعلاتنا الأسرية.التواصل الأسري إذاً لا ينبغي قطعه تحت أي ظرف من الظروف، لكنه يمكن تقنينه، أو تحجيمه، أو جعله في إطار منظم تنظيما قد نبتعد فيه كثيرا عن صفة الأريحية في تلك العلاقات، وقد يذهب بنا ذلك في اتجاهات رسمية التعامل تارة، ومقلة قليلة وغير متكررة كثيرا تارة أخرى حين يكون الصراع الأسري محتدما ومؤثرا بدرجة سيئة جدا على الصحة النفسية، وقد يكون ذلك السلوك في العلاقات الأسرية من باب الابتعاد الجزئي لتصحيح المسارات وليس بنية القطيعة!الإدارة إذاً لمنظومة العلاقات الأسرية بتوازن تقتضي منا أن نكون على درجة جيدة من الوعي الديني، فلا نتطرف في القضاء على علاقاتنا الأسرية فنرتكب كبيرة، ولا نغرق في بذل التضحيات النفسية اليومية التي لا تنقطع ظنا منا أن الدين يأمرنا بذلك!كمسلمين، علينا أن نتذكر دائما أن ديننا هو دين الوسطية، وأن كل شكل من أشكال التطرف السلوكي فيه يعد أمرا خارجا عن سياق المنظومة الأخلاقية للإسلام، وكما أننا سنحرص دائما على حماية أنفسنا وذواتنا من الضرر، فعلينا أيضا تحقيق التوازن بإعطاء كل ذي حق حقه.hananabid10@