الرأي

الرياض ترفع سقف التأثير

محمد عودة الجهني
لا يفوت ولي العهد رئيس مجلس الوزراء فرص توسيع دوائر السلام في مناطق النزاع والحروب، لهذا طلب الأمير محمد بن سلمان من رئيس الولايات المتحدة التدخل لمساعدة أهلنا في السودان إيمانا بأهمية صيانة حياة الإنسان وتحقيق استقرار السودانيين، في إطار مبادرات سعودية مصونة بمبادئ ثابتة لا تتغير، تظهر جلية بالوقت المناسب وغالبا تتكلل بالنجاح وتحقيق الانفراج وإحلال السلام، فالمتابع الفطن المنصف العاقل لا يستطيع تجاوز الإنجازات السعودية في هذا المضمار، خاصة إذا ما أشرنا بالفخر والاعتزاز لنفض غبار العقوبات السورية وملامح تعافي دمشق كنتيجة مشرفة لجهود فارس يحمل هموم الأمة، وشاب يتوقد حماسا لتحقيق طموحات شعوب المنطقة، وزعيم متمكن يعمل لرفع مستوى التأثير العربي، وقائد حكيم بلغت مصداقيته حدود ربط التطبيع بقيام الدولة الفلسطينية وفقا لتأكيدات ترامب المنقولة عبر وسائل الإعلام الأمريكية في إشارة لرفض سموه التطرق للحديث عن الاتفاقات والسلام دون قيام الدولة الفلسطينية، وقبل هذا التصريحات السعودية الرسمية الواضحة التي لا تقبل التأويل.

لعلنا نستحضر مؤتمر حل الدولتين الساعي لتحقيق السلام العادل الشامل برئاسة سعودية فرنسية وما أسفر عنه من مكاسب سياسية هامة وعظيمة تشكل المستقبل المشرق القريب، في مقدمتها عزل المحتل وتحقيق تعاطف شعوب العالم، خاصة وقد توالت اعترافات عواصم كبرى بالحقوق الفلسطينية تحت جناح رعاية سعودية خالصة أعادت الملف إلى الواجهة. وقد سبق ذلك مبادرات عديدة وجدت مساندة دولية، حتى وإن لم ترق هذه الأفعال العظيمة لمثيري الفوضى وعشاق الشعارات، صرعى مهابة الاستقبال وانتفاضة منصة X 'كاشف العورات'.

في البيت الأبيض، اقترنت فخامة الاستقبال بمظاهر احتفاء غير معتاد؛ بدءا بالاستعراض الجوي، مرورا بمشاهد الخيالة والمدفعية، وانتهاء بحفل عشاء فاخر مفعم بالدفء والعبارات المعبرة عن متانة علاقة أسست لبلوغ شراكة أعمق وتأثير عالمي أوسع. وقد حصلت السعودية على مبتغاها الأمني والاقتصادي والسياسي والعلمي والاستثماري، وكانت الاستضافة لائقة بمقام ولي العهد، ومجسدة لمكانة المملكة، وتجاوزت المخرجات ما تحقق في مجال ترسيخ الأمن وتوطيد التنمية وتكريس الرخاء واستشراف المستقبل، فعلى طاولة المكتب البيضاوي وضع ولي العهد ملفات بالغة الأهمية تتصدرها مشاريع الاستثمار في صناعة المستقبل بما يليق بالسعوديين والسعوديات ويحقق تنوع مصادر الدخل، استجابة لضرورة قصوى ورغبة ملحة في تحقيق ديمومة التنمية، تلك الحاجة الحيوية المؤدية إلى الاستقرار والطمأنينة. ناهيك عن تلبية متطلبات تعد جزءا أصيلا من تفاصيل رؤية نموذجية باتت مثالا للعمل المثمر، فغدت نسقا مرتبطا بالجدية والرخاء والإخلاص، وهي دون شك الأكثر صلة بالارتقاء المضمون في سياق تحقيق التطلعات من باب الاستثمار في المستقبل ومواكبة المتغيرات المتسارعة، وفي إطار تأكيد الخسارة الفادحة التي قد تلحق بالمتخلفين عن ركب التطور المتسارع، في أعقاب دخول مرحلة الانفجار التقني بكل ما أحدثه من تغير في نمط الحياة ومستقبل البشرية والتحول الهائل في الإنتاج والتصنيع والاستهلاك والتطور الملموس في أساليب التواصل وأدوات الخدمات وسهولة الحصول عليها، وما أتاحه كل هذا من منافع هائلة بدأ استثمارها في مجالي التعليم والصحة على وجه الخصوص. حتى بتنا على مشارف توديع أكثر الممارسات الحياتية التقليدية، كاستخدام النقد في التبادلات التجارية بعد وداعنا للهفة تصفح أوراق الصحف بفعل الواقع الحتمي وأثر وتأثير العلم والمعرفة. مدركين أن ما تحقق من إنجازات سعودية اتضحت ملامح جدواها إبان جائحة كورونا، حيث استمر التعليم والصحة والتقاضي عن بعد دون انقطاع أو خلل، وتوفرت الاحتياجات دون عناء، فيما تتوثب السعودية اليوم لدخول معترك الاستثمار والتنافس في مضمار الذكاء الاصطناعي، وقد خصصت لذلك جزءا كبيرا من اهتمام مشمول برؤية بدأت ملامحها تتحقق قبل الأوان في العديد من المجالات المشمولة بالرعاية.