الرأي

لا أسكن في ساحة منزلكم..!

إيمان باجنيد
أخطأ مدربو التنمية البشرية عندما جعلوا من (الميانة) بوابة للتبسط مع الجميع، والوصول إلى قلوبهم بطريقة أسرع، دون أن توضع حدود لتلك الميانة، والمقصود هنا بالميانة هو رفع الحواجز والإلقاء بها بعيدا في احتكاكنا وتعاملاتنا الاجتماعية مع الآخرين، وهذا للأسف هو ديدن جميع التقليعات والاجتهادات التي يلقى بها في طريقنا دون دراسة لعواقبها، دون أن تكتمل دراستها وتطبيقها على شريحة تجارب متطوعة، وكأن حقل التجارب الأكبر وهو المجتمع يستحمل الطرق على الدماغ دون مراعاة أن هناك فوارق مجتمعية في كل تفصيلة من تفاصيل حياة الناس.ليس بالضرورة أن تتحول لمهرج حتى تدخل على نفسي البهجة، ولا أن ترتدي ثوب المعالج النفسي لتدخل إلى سرداب قلبي.. ذلك السرداب الذي لم أسمح لك من البداية أن تدخله بحجة كسر الحواجز وتعديل نفسيتي الكئيبة ليس دائما إنما في بعض الأحيان، لعلك لا تعلم أن تلك الأحيان هي التي أحتاج فيها أن أكون ذلك الشخص الكئيب بإرادتي.من يعرفني يعلم أنني أركز كثيرا في أمر استخدام الألقاب والمسميات الصحيحة في الأماكن الصحيحة، فليس من الصحيح أن أذهب لمراجعة الطبيب ومن باب الاستظراف وتلطيف الجو أناديه «شوف يا هندسة»، ولا أن أدخل على مكتب المدير التنفيذي للشركة وأحييه بعبارة «كيفك يا زمل» ولا أن أدخل لمجلس عائلي فيه من كبار السن والمقام الكثيرون، وأصيح في دخولي مرحبا «هلا بالشباب» ولا أن أخاطب الزبون قائلا «كيف أقدر أخدمك يا الحبيب» «كيف أقدر أخدمك يا عسل.. يا قمر.»، ولعل ما يثير انزعاجي بدرجة أكبر هو استخدام عبارة «يا شايب للرجل وخالة للمرأة»، ربما الانزعاج مصدره أنني لا أرغب أن تعاملني بمرحلتي العمرية «وهذا من أبسط حقوقي».. ربما لا أعتبر هذا التصرف لبقا.. ربما ليقيني أنني لست من بقية العائلة ولا أسكن في ساحة منزلكم فليس مصرحا لك أن تتعامل معي كقريبتك أو صديقة الوالدة.. إنما الأكيد أن استخدام تلك العبارات لا ينم عن احتراف في خدمة العملاء ولا يمثل قدرة تفاوضية جيدة، فمن المهم دائما أن نراعي برتوكولات الأعمال، ولعل أكبر دليل على ذلك أن هناك أقساما متخصصة في المسارات الجامعية للعلاقات العامة، وهناك منها ما هو أكثر دقة مثل العلاقات الدبلوماسية.بدراسة مهارات التواصل البسيطة ندرك أن التواصل يشكل 80% من القدرة على القبول لدى الآخرين، سواء كنت تتعامل مهنيا أو اجتماعيا، ولكل مهاراته التي يجب علينا جميعا فهمها بطريقة نستطيع بها أن نفرق في التعامل، ونقدر متى أقول يا خالة ويا شايب ومتى أقول حضرتك أو أستاذ.eman_bajunaid@