الملكية الفكرية لمنتجات الأسر
الاثنين / 3 / جمادى الآخرة / 1447 هـ - 02:54 - الاثنين 24 نوفمبر 2025 02:54
اليوم حديثنا سعودي بحوار سعودي وبلهجة سعودية لأن القيم التي تكون بين البائع والمشتري هي قيم سعودية - شراء مصفطيه - لأن المنتج سعودي والبائع أو البائعة سعودية – يا جماعة الخير - النقاش حول مشكلات الأسر المنتجة السعودية، بات ضروريا ولا نتجاهله لأن منتجات الأسر لم تعد مجرد أصناف، تباع في منصات بسيطة أو بازارات موسمية، بل تحولت إلى علامات تجارية تتنافس في سوق متنامٍ يتجاوز حدود «منزل أم صالح ولا أم فهد» بل تجاوز إلى فضاء التجارة الالكترونية. ومع هذا التطور، ظهرت أسئلة قانونية عميقة تتعلق بالملكية الفكرية: هل الوصفة سر تجاري؟ هل تصميم العبوة حق حصري؟ وهل يحق للغير تقليد فكرة المنتج ما دامت الخلطة ليست مسجلة؟ هذه الأسئلة لم تعد نظرية، بل باتت واقعا يطرق أبواب القضاء، ويختبر قدرة الأنظمة على حماية المبدعين الصغار الذين ينافسون اليوم شركات كبرى دون أسلحة قانونية كافية.إن جوهر الموضوع يكمن في أن منتجات الأسر - رغم بساطتها - تحتوي على عناصر تعد في نظر النظام «إبداعا محميا». فالوصفة قد تكون سرا تجاريا، والشعار قد يكون علامة تجارية، والتغليف قد يعد تصميما مبتكرا. ولذلك، فإن الحماية لا تأتي من كون الأسرة صغيرة أو كبيرة، بل من كون المنتج يحمل بصمة يمكن تمييزها، وتتوفر فيها شروط الملكية الفكرية ووفق الأنظمة التي تعتبر «الأعمال الإبداعية، والعلامات، والنماذج، والأسرار التجارية»، وهذا يعني أن الوصفة - إن كانت مجهولة للغير وتحمل قيمة اقتصادية - تدخل ضمن نطاق الحماية.تكمن المشكلة في أن معظم الأسر المنتجة لا تسجل حقوقها، ولا توثق أسرارها، ولا تضع اتفاقيات مع العاملين أو الموزعين، مما يجعلها عرضة للتقليد أو الاستيلاء على وصفاتها. فعلى سبيل المثال:مما أطلعنا عليه أسرة مشهورة بخلطة «صوص» معين كانت ترسله لمطعم محلي لتوزيعه، وبعد فترة فوجئت بأن العامل أخذ الوصفة وبدأ ببيعها باسمه عبر منصة الكترونية. وعندما لجأت الأسرة للجهات المختصة، قيل لها: لا يوجد دليل أن هذه الوصفة سر تجاري مسجل أو محفوظ.أيضا أسرة أخرى صممت عبوة فريدة للعطور المنزلية، ثم ظهرت شركة تقلد التصميم نفسه بشكل يكاد يطابقه، ولأن الأسرة لم تسجل التصميم كنموذج صناعي، لم تحمَ من التقليد.حالات متكررة، الاسم نفسه، نسخ التغليف، أو حتى تكوين علامة مشابهة تربك المستهلك.هذه الوقائع تظهر أن غياب الوعي النظامي يحول إبداع الأسرة إلى مادة مستباحة، ويقلب المنافسة إلى خطر يهدد استمرار مشاريع صغيرة بذلت جهدا كبيرا دون حماية. لذا فإن الحل لا يبدأ في القضاء، بل قبله. فالتسجيل هو السلاح الأول. ينبغي للأسر المنتجة أن تقوم به مثل، تسجيل العلامة التجارية لضمان عدم استخدامها من الغير، وذلك من خلال «معروف»، أيضا حفظ الوصفة باعتبارها سرا تجاريا، من خلال تقييد الوصول إليها، وعقد اتفاقيات عدم إفصاح مع أي شخص يعمل أو يطلع عليها، كذلك توثيق عمليات العمل بحيث يمكن إثبات ملكية الفكرة وطريقة الإعداد.كما يمكن للجهات النظامية إنشاء مسار سريع لحماية الأسر المنتجة، يتيح تسجيلا مبسطا برسوم منخفضة، مع حملات توعوية متخصصة في الملكية الفكرية للأسر المنتجة.وفي الختام، فإن السؤال «من يملك الوصفة؟» لا يجاب عنه بالعاطفة، بل بالنظام. فالابتكار والإبداع وحدهما لا يكفيان، وإنما يلزم أن ترافقهما حماية قانونية تضمن الاستمرارية. وما دامت الأسر المنتجة أصبحت جزءا مهما من اقتصاد الوطن، فإنه من الضروري أن تتحول الملكية الفكرية إلى ثقافة وليست مجرد إجراء. فالحماية ليست رفاهية، بل ضمان أن يظل الجهد لصاحبه، وأن تبنى التجارة الصغيرة على عدالة تحترم الإبداع وتمنع الاستغلال.expert_55@