الرأي

الاستسلام.. راحة من التفكير..!

إيمان باجنيد
الاستسلام.. راحة من التفكير.. لا أعلم ما هو الشعور الذي انتابني عند سماعي لهذه العبارة، وكأني أقول لنفسي متى يتحقق لي هذا الاستسلام.. هل سأرفع الراية البيضاء وأعلن انسحابي.. ومن ماذا تحديدا سأنسحب.. هل حقا لم أستسلم من قبل.. أم أننا جميعا نمارس الاستسلام دون أن نشعر..؟تعلمنا في مقاعد الدراسة أن الاستسلام هو التوقف عن المقاومة، والاعتراف بالهزيمة، إما في حرب أو في خلاف أدبي أو معنوي.. وأن ذلك المستسلم هو شخص عاجز أسير للخوف وعدم الثقة، لا يجيد المواجهة، ويقف في الصفوف الأخيرة.. تلك المعرفة جعلتنا نعيش في رداء سوبرمان، حتى في حالات العجز والوهن نقاوم، وكأننا خلقنا من حديد، لا يهم ما تحدثه تلك القوة داخلنا.. المهم أن نبقى أقوياء، إن تمحصتنا أعين لديها القدرة على قراءة ما بين السطور.. نقف بينها وبين ضعفنا بصمود ناكرين ما أحدثته من جلبة لتيقظنا لا أكثر، وتذكرنا بأننا نستحق ذلك الاستسلام.تلك الراية البيضاء التي شاهدناها في صور مختلفة حقيقية وكرتونية، تراجيدية أحيانا وأحيانا أخرى كوميدية، أوجدت في نفوسنا حزنا أو نصرا، طبعا على حسب نوع المستسلم وموقعه في نفوسنا، أو مقدار قناعتنا باستحقاقه بما لديه، إلا أنها عبرت عن جرأة من نوع آخر، جرأة لا يقوى عليها الجميع فهناك من هو مستعد للموت على أن يظهر في صورة الضعيف كما يظن، ليس خطأ رفع تلك الراية والاعتراف بأننا لن نستمر في خداع أنفسنا بأن الموقف ليس لنا، بل لعلها تكون قمة البطولة.المرأة القوية التي لا تهزم، التي لديها قدرات مضاعفة تفوق الرجال، التي تستطيع أن تفكر في أكثر من أمر، تتحمل أكثر من مهمة في وقت واحد، الرجل الصندوق والمرأة العنكبوت، كلها شعارات تجعل أي امرأة تفكر أكثر من مرة قبل أن تعلن استسلامها وتطلق عبارات تدور في ذهنها مرارا، إلا أنها لا تسمح لها بالخروج.. عبارات مثل.. منهكة، متعبة، بائسة، اكتفيت، لا أرغب في الاستمرار، أعلن استسلامي حتى من مجرد التفكير أحتاج إلى مساحة من اللاشيء.الرجل السند، الكيان المفروض عليه أن يكون الأقوى، الممنوع من التعبير عن شعور الحزن، الممتلئ بتراكمات قديمة، لا تبكي، لا تضعف، لا تخطئ، وليس مسموح لك بأن تعلن تراجعك حتى لو أن المكان ليس مكانك.- لا تستلم.. وإن شعرت ببعض التعب، اصعد إلى جبل بعيد لا يراك فيه الناس واصرخ بأعلى صوتك، ستشعر بالتحسن لتعود لحياتك من جديد- طيب لو ما حسيت بالتحسن..؟- اصعد إلى جبل آخر في مكان آخر لا يراك فيه الناس واصرخ بأعلى صوتك- وإن ما حسيت بالتحسن..؟- توجه للبحر في مكان لا يراك فيه الناس واصرخ بأعلى صوتك- وإن برضو ما شعرت بتحسن..؟- اصعد إلى جبل بعيد لا يراك فيه الناس واِرمِ نفسك منه، بس لا تستسلم.‏ eman_bajunaid@