الرأي

سليل المجد في عاصمة القرار

علي الحجي
شكلت زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن نقطة تحول مفصلية، لم تكن مجرد محطة دبلوماسية عادية، بل تجسيد لحضور السعودية كقوة عظمى إقليمية وعالمية. حمل الأمير معه إرث المجد الممتد من المؤسس الملك عبدالعزيز إلى ملك الحزم خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبدالعزيز، مؤكدا أن المملكة اليوم دولة تفرض رؤيتها وتملي حضورها، لا تبحث عن اعتراف.منذ اللحظة الأولى، بدا موقف المملكة واضحا وصارما: السيادة السعودية خط أحمر، وحقوق الشعب الفلسطيني هي الممر الوحيد لأي حديث عن التطبيع. هذا الوضوح، الذي يحمل صدى حكمة الملك عبدالعزيز وصرامة الملك سلمان، أسكت المزايدين وأثبت أن الرياض تمسك بخيوط سياستها بثقة الند أمام الند.انتقلت الرسالة بعد ذلك إلى ملف الاقتصاد، حيث تبرز المملكة كعضو فاعل ومؤثر في مجموعة العشرين (G20)، تتحرك بثقلها لإحداث التغيير العالمي.حين أعلن سموه أن الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة ستبلغ تريليون دولار، لم يكن ذلك مجرد رقم، بل برهان عملي على أن رؤية 2030 أصبحت قوة اقتصادية عالمية، تستخدم ثقلها الاقتصادي بلغة المصالح لتحقيق الإفادة المتبادلة والمساهمة في استقرار الأسواق العالمية. لم تعد السعودية مجرد دولة نفط، بل أصبحت قوة استثمارية كبرى تفرض اتجاهات جديدة وتصنع التوازن الاقتصادي. وفي الجانب الدفاعي، أكدت الزيارة ارتقاء موقع المملكة على خارطة القوة العسكرية. فالحصول على مقاتلات F-35 كأول دولة عربية وثاني دولة في الشرق الأوسط يمثل إشارة واضحة لدخول الرياض عصرا جديدا من القدرات الدفاعية المتقدمة بقرار وطني مستقل ودون تقديم أي تنازلات سياسية.في المشهد الإقليمي، ترسخت مكانة الأمير كلاعب مركزي لا يمكن تجاوزه، حيث أثبتت المملكة أنها أصبحت محورا تدور حوله التفاهمات وصوتا يصنع التوازن، ما يؤكد عودتها إلى موقعها الطبيعي كصانعة للتقارب وحامية للاستقرار. اكتسبت الزيارة رمزية إضافية كونها جاءت بعد سنوات من الحملات الإعلامية التي استهدفت النيل من مكانة الأمير، لكن الاستقبال الرسمي والحفاوة التي حظي بها كانا بمثابة شهادة انتصار للدولة التي صمدت في وجه التشويه. يحمل الأمير إنجازات تليق بوطن يكتب تاريخه بثبات، مؤكدا أن السعودية حين تمضي نحو موقعها الطبيعي... لا تقف.aziz33@