أخبار للموقع

السدو الإماراتي بصوتين في "بنان"..

خبرة الأم ولمسات الابنة

جانب من الركن الإماراتي

في الركن الإماراتي داخل 'الأسبوع السعودي الدولي للحرف اليدوية 'بنان''، وقفت الحرفية دانا المنصوري بجوار والدتها توحيدة سيف المنصوري تقدّمان واحدة من أبرز الحرف المرتبطة بالبيئة الإماراتية القديمة: السدو. كان الركن يعكس تمازجًا بين خبرة الأم التي تحمل ذاكرة تمتد لعشرين عامًا، وبين روح الابنة التي تضيف لمسات معاصرة على هذا الفنّ التقليدي الذي ظلّ جزءًا أصيلاً من حياة البدو في أبوظبي والمناطق الصحراوية.

تقول دانا المنصوري إن السدو يمثل بالنسبة لها أكثر من مجرد نسيج، فهو لغة ألوان وصبر وذاكرة تربّت عليها منذ طفولتها، حين كانت تراقب والدتها تنسج الخيوط بخفة وتحوّلها إلى قطع يمكن استخدامها في البيوت والخيام والجلَسات. وتضيف أن مشاركتها في 'بنان' تأتي لتعريف الزوار بقيمة هذه الحرفة، وكيف يمكن توظيفها اليوم في منتجات جديدة تلائم الذوق الحديث مثل الحقائب اليدوية، الأساور، المخدّات، والحقائب الكتفية التي تلفت إعجاب الكثير من الزائرات.

أما والدتها توحيدة سيف، فتروي أن بدايتها مع السدو لم تكن اختيارًا واعيًا بقدر ما كانت امتدادًا طبيعيًا لما وجدته في البيت، إذ ورثت الحرفة عن أهلها في أبوظبي، وتعلّمتها على يد نساء العائلة اللاتي اعتمدن عليها لصناعة قطع كبيرة كانت تُستخدم في الخيام والجلسات. وتشير إلى أن السنوات الطويلة التي قضتها في ممارسة السدو جعلتها تحفظ حركة الخيوط مثلما تحفظ تفاصيل يومها، مؤكدة أن كل قطعة تُنسج تحمل جزءًا من روح صانعتها.

وتلفت توحيدة إلى أنّ الحقائب المصنوعة من السدو قد تستغرق أسبوعًا كاملًا من العمل المتواصل، بينما تحتاج بعض القطع الأكبر إلى شهر كامل، بحسب دقة التصميم وكثافة النسيج. وتقول بفخر إن أكبر قطعة صنعتها في حياتها كانت بطول 12 مترًا، خُصصت لجلسة كاملة تضم مجموعة من الكراسي والأرضيات، وأن تنفيذها تطلّب جهدًا وصبرًا وشغفًا ظلّ حاضرًا في كل خيط من خيوطها.

وتستخدم دانا في عملها خيوط القطن التي تحافظ على ملمس السدو التقليدي وقوته، لكنها تضيف إليه تصميمات حديثة ومزجًا بين الألوان يجعل القطع أكثر قابلية للاستخدام اليومي. وتوضح أنها تحب تجربة نقوش مختلفة، بعضها مستوحى من التراث الإماراتي، وبعضها الآخر مخصص للزبائن الذين يرغبون في قطع فريدة ذات طابع عصري.

الحوار بين الأم وابنتها داخل الركن كان يأسر الزوار؛ إذ تتحدثان عن السدو كأنه جزء من العائلة، وكأن كل قطعة تحمل حكاية أو ذكرى. وتتفقان على أن أهم ما يميز هذه الحرفة هو أنها تجمع بين الصبر والخيال، وبين الماضي الذي لا يجب أن يضيع، والحاضر الذي يستحق أن يظل مرتبطًا بجذوره.