الرأي

الذكاء الاصطناعي وسؤاله عن المخطوبين مستقبلا

ياسر عمر سندي
طلب مني شخص مقرب السؤال عن فلان بسبب تقدمه لخطبة ابنته مما دعا شخصا ثالثا كان معنا للمداخلة وأجابه بطريقة عفوية «اسأل عنه الذكاء الاصطناعي ويمكن لفلان أن يسأل عن ابنتك من خلاله».صحيح أننا نعيش حاليا في عصر تتقاطع فيه التكنولوجيا مع تفاصيل حياتنا اليومية المختلفة والمتغيرة؛ ولكن هل سيأتي يوم ونسأل فيه الذكاء الاصطناعي عن الخاطب والمخطوبة، وهل ستمنحنا الآلة ذلك التحري الدقيق ونكتفي عن السؤال التقليدي بين البشر؟من وجهة نظري النفسية والاجتماعية أرى أن تجارب مستخدمي منصات الذكاء الاصطناعي المتاحة المدفوعة والمجانية تساعدهم في الحصول على تكوين رغباتهم من المعلومات الاجتماعية والنصائح النفسية، ويمكن الاستفادة من التجارب الزواجية أو الخبرات العاطفية للوصول إلى حلول، وقد تبدو الإجابات الراجعة للبعض مفيدة إلى حد كبير، الأمر الذي أدى إلى بناء الثقة من المستخدم تجاه الآلة من خلال ثلاثة عوامل:أولا: اعتبار الذكاء الاصطناعي قوة خفية تمنح الأمان العاطفي للمستخدم بعيدا عن إصدار الأحكام أو السخرية منه، فيفصح بصدق عن مخاوفه وتساؤلاته.ثانيا: تراجع التقارب البشري وضعف التواصل الأسري والاجتماعي جعلا البعض يبحث عن بديل رقمي للإصغاء والنصح.ثالثا: هالة العلم الطاغية التي تدفع الإنسان للتصديق المادي والتقني، معتبرا إياها أكثر دقة وموضوعية.يمكن للتقنية أن تساعد في تحسين مهارات التواصل أو فهم الذات والآخرين بشكل عام، لكنها قد تضعف قدرة الإنسان على اتخاذ قراره الحاسم في الارتباط، وقد تدفعه إلى تسليم عواطفه لخوارزميات لا تملك حسا ولا ضميرا. ومهما بلغت قدرة الآلة من التطور ستبقى عاجزة عن فهم التجربة الإنسانية بكل ما فيها من تناقضات متداخلة ومشاعر مختلطة.المعلومات المتوفرة في الذكاء الاصطناعي تشكل تحديا كبيرا بسبب المستخدمين لمشاركتهم تفاصيل حميمة عن حياتهم دون وعي وإدراك، وهذا قد يؤدي بالآلة للعب دور الوسيط المساعد لا الوسيط الحاكم لإحداث التعارف السطحي بين الطرفين وتحليل أنماط التواصل وإبراز النقاط المشتركة والاختلافات المتباينة، كما يمكنه تقديم نصائح عامة لتحسين العلاقات وبناء جسور التفاهم؛ ولكن جوهر الارتباط الإنساني قد يخفي مكامن التطابق بين المخطوبين المؤهلين للزواج وترجمة معنى الانجذاب واستقراء الحالة الخاصة التي تتكون من حضور النية الصادقة وإضفاء مشاعر الارتياح السابق بين الطرفين، من خلال معياري الرضا والقبول، وكذلك تقوية عنصر التآلف اللاحق النابع من المودة والرحمة والاستدامة المرتبطة بالعشرة، الأمر الذي لا يحدثه منطق البرمجة الجامد وآليات الرقمنة المتراكمة.لا ندري مستقبلا ربما تتغير طرق الخطوبة والتعارف والزواج، وباعتقادي، إن ذلك الجوهر الأصيل في البحث والتحري الذي يمثل جانب الالتزام والإلزام في العلاقات الإنسانية سيبقى كما هو شعورا صادقا، وقرارا نابعا من القلب قبل الآلة.Yos123Omar@