السعودية تفرض احترامها: اعتذار المتطرف سموتريتش مثالا
الثلاثاء / 6 / جمادى الأولى / 1447 هـ - 05:44 - الثلاثاء 28 أكتوبر 2025 05:44
في مشهد يعكس تغيرا في موازين القوى الإقليمية والدولية، اضطر الوزير الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش إلى تقديم اعتذار علني للمملكة العربية السعودية، بعد تصريحات اعتبرت مهينة بحقها، على خلفية موقفها الثابت من ربط التطبيع مع إسرائيل بإقامة دولة فلسطينية مستقلة. الاعتذار لم يكن مجرد تراجع سياسي، بل اعتراف ضمني بتأثير المملكة المتزايد في الدوائر الدولية، وبأن تجاهل موقفها لم يعد ممكنا.حيث قال سموتريتش في مؤتمر سياسي نظمته صحيفة 'ماكور ريشون'، (إذا قالت لنا السعودية إن التطبيع مقابل دولة فلسطينية، فالإجابة لا شكرا، دعوا السعوديين يواصلون ركوب الجمال على رمال صحرائهم).التصريح الذي حمل نبرة استعلائية وعنصرية، وأثار موجة غضب واسعة في الأوساط السياسية والإعلامية العربية والدولية، لما فيه من إساءة مباشرة لشعب ودولة ذات ثقل سياسي واقتصادي عالمي.رغم أن المملكة لم تصدر بيانا رسميا مباشرا للرد على التصريح، فإن الموقف السعودي كان واضحا من خلال التمسك بمبادرة السلام العربية التي تشترط قيام دولة فلسطينية مستقلة كشرط لأي تطبيع مع استمرار التصريحات الرسمية التي تؤكد أن القضية الفلسطينية هي جوهر السلام في الشرق الأوسط. مع عدم الانجرار إلى الرد العاطفي أو الإعلامي، بل ترك التصريح يواجه وزنه السياسي والأخلاقي أمام العالم.هذا الصمت المدروس، المدعوم بثقل سياسي واقتصادي، أجبر الوزير الإسرائيلي على التراجع والاعتذار علنا، في سابقة نادرة لمسؤول من هذا التيار المتطرف.حيث نشر سموتريتش اعتذاره عبر منصة 'إكس'، قائلا 'تصريحي حول السعودية كان مؤسفا، وأعبر عن أسفي للإهانة التي تسبب بها'.الاعتذار الإسرائيلي يعكس إدراكا متزايدا بأن السعودية لم تعد مجرد دولة إقليمية، بل أصبحت قوة اقتصادية عالمية ضمن مجموعة العشرين، وصاحبة مبادرات مثل 'رؤية 2030' ولاعبا دبلوماسيا مؤثرا في ملفات الطاقة، المناخ، والاستقرار الإقليمي وشريكا استراتيجيا للغرب والشرق، حيث تقيم علاقات متوازنة مع واشنطن وبكين وموسكو.هذا النفوذ جعل تجاهل موقفها من القضية الفلسطينية أمرا غير ممكن، حتى من قبل أكثر التيارات تطرفا في إسرائيل.منذ تأسيس المملكة، كان دعمها للقضية الفلسطينية ركيزة من ركائز سياستها الخارجية. ويتجلى ذلك في مبادرة السلام العربية التي أطلقتها السعودية عام 2002، والتي تنص على تطبيع كامل مقابل انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة وقيام دولة فلسطينية من خلال الدعم المالي والسياسي المستمر للسلطة الفلسطينية، وللشعب الفلسطيني في المحافل الدولية مع رفض الضغوط الغربية التي تحاول دفع المملكة نحو تطبيع غير مشروط.من هذا الموقف وسرعة التراجع الإسرائيلي خلال ساعات نستنتج عدة نتائج مهمةأولا: أن الكرامة السياسية لا تشترى، حيث أثبتت السعودية أن احترامها لا ينتزع بالصفقات، بل يفرض بالمواقف.ثانيا: أن القضية الفلسطينية ليست ورقة تفاوض بل هي أساس أي سلام حقيقي في المنطقة.ثالثا: أن النفوذ لا يحتاج إلى ضجيج، فالمملكة فرضت الاعتذار دون أن ترفع صوتها.اعتذار الوزير الإسرائيلي المتطرف للمملكة العربية السعودية لم يكن مجرد تراجع عن تصريح، بل اعتراف ضمني بأن السعودية اليوم هي دولة لا يمكن تجاهلها، وأن موقفها من القضية الفلسطينية هو حجر الزاوية في أي سلام إقليمي.في زمن تتغير فيه التحالفات، تظل السعودية ثابتة في دعمها للحق الفلسطيني، وتزداد قوة في فرض احترامها على الساحة الدولية.اليوم، المملكة لا تفاوض من موقع الحاجة، بل من موقع التأثير. وهي تثبت للعالم أن احترامها ليس خيارا، بل ضرورة. وأن القضية الفلسطينية، مهما حاول البعض تهميشها، ستظل حية ما دامت هناك دول ترفض بيع المبادئ مقابل التصفيق.السعودية لم ترد على الإهانة بالكلمات، بل فرضت الاعتذار بالفعل. وهذا هو الفرق بين من يصرخ، ومن يسمع صوته دون أن يتكلم.