"بهجة" في مدننا: بين التحول الحضري وجودة الحياة
الثلاثاء / 6 / جمادى الأولى / 1447 هـ - 05:42 - الثلاثاء 28 أكتوبر 2025 05:42
هناك تفاصيل صغيرة قد يغفلها الكثيرون، لكنها تصنع الفارق في جودة الحياة الحضرية، الحدائق العامة والمناطق المفتوحة ليست مجرد مرافق ترفيهية، بل هي انعكاس مباشر للوعي الاجتماعي وثقافة التعامل مع المكان والناس. من هذا المنطلق، تبرز جهود وزارة البلديات والإسكان عبر مشروع 'بهجة' الذي يهدف إلى تحويل المساحات غير المستغلة إلى مناطق نشطة ومستدامة، كخطوة ملموسة نحو بيئة حضرية أكثر راحة وسعادة.مشروع 'بهجة' لا يقتصر على إنشاء الحدائق أو تجديدها، بل يشمل تصميم مساحات متكاملة للعب الأطفال، ومناطق للرياضة والمشي، إضافة إلى توفير بيئات تفاعلية تشجع على الترابط بين سكان المدن، هذه الفكرة ليست جديدة عالميا، لكنها تتطلب تنفيذا محليا دقيقا ووعيا مستمرا بالاحتياجات اليومية للمواطنين، وهو ما تعمل الوزارة على تفعيله عبر آليات التفاعل المباشر، مثل رسائل SMS واستطلاعات الرأي، التي تمنح السكان فرصة التعبير عن آرائهم ومقترحاتهم لتحسين التجربة.ومن الملاحظ أن المشروع يعكس اهتمام الوزارة بالاستدامة والابتكار في التنمية الحضرية، مستفيدين من خبرات دولية وتجارب ناجحة في هذا المجال، مما يتيح تطوير نماذج يمكن تطبيقها على نطاق واسع في مختلف المدن والمحافظات. وفي الوقت ذاته، يبقى التحدي الحقيقي في متابعة التفاصيل الصغيرة: صيانة المرافق، نظافة الحدائق، توفير الخدمات المتكاملة، وضمان أن تكون هذه المساحات دائما جذابة وآمنة لجميع الفئات العمرية.الحديث عن 'بهجة' ليس مجرد ثناء للوزارة، بل تأكيد على أن التغيير والتحول الحضري يحتاجان إلى صبر، متابعة دقيقة، وتفاعل مستمر مع المجتمع، لا يأتي كل شيء في يوم وليلة، والمراحل الحالية تمثل ورشة مستمرة لبناء تجربة حضرية متكاملة تصل إلى رؤية 2030 في خلق مدن مستدامة وسعيدة.كما أن المشروع يفتح الباب أمام إشراك المجتمع بشكل أوسع، فالحدائق والمرافق العامة تصبحان منصة حية للتمرين، التعلم، التواصل، وحتى التعبير عن الرغبات والاحتياجات، هذا النهج يعكس وعيا متقدما بأن التنمية الحضرية ليست فقط بنية تحتية، بل هي ثقافة وسلوك ومشاركة يومية، حيث تكون كل تفاصيل المكان جزءا من تجربة حياة متكاملة.وفي هذا السياق، يمكن القول إن مشروع 'بهجة' يمثل انعكاسا حقيقيا لنجاح التنسيق بين التخطيط المركزي للوزارة ومرونة التنفيذ عبر أمانات المناطق، وهو نموذج يحتذى به في تحويل الطموح إلى واقع ملموس يلمسه كل مواطن وزائر. ومع ذلك، فإن نجاح المشروع الكامل يعتمد على استمرار الرصد والتقييم، ومراجعة التفاصيل الدقيقة، والتفاعل مع الملاحظات اليومية التي يرسلها المستفيدون عبر مختلف القنوات.حين تتكامل هذه العناصر، تصبح الحدائق أكثر من مجرد مساحات خضراء، بل أداة حضرية لتعزيز الصحة النفسية والجسدية، وزيادة الترابط الاجتماعي، وتحفيز الإبداع والابتكار لدى المجتمع. وهنا يكمن سر 'بهجة' الحقيقي: تحويل الرؤية الاستراتيجية إلى واقع يعيشه الناس يوميا، ويشعرون به في كل خطوة، وكل لحظة يقضونها في مدنهم.نقطة تحت السطر...حين تتحول المساحات الخضراء من مجرد أماكن إلى حياة، ندرك أن التنمية الحضرية الحقيقية ليست فقط بنية تحتية، بل وعي وممارسة يومية تصنع سعادة المجتمع وارتباطه بمحيطه.