السكريون و«الإنفلونزا الموسمية»
الثلاثاء / 29 / ربيع الثاني / 1447 هـ - 20:54 - الثلاثاء 21 أكتوبر 2025 20:54
يكتسب تطعيم «الإنفلونزا الموسمية» هذه الفترة أهمية خاصة وكبيرة، إذ أطلقت الصحة حملتها ودعت أفراد المجتمع للتفاعل معها، ولا سيما أن هذا التطعيم يوصى به سنويا لجميع الفئات دون استثناء، ولكنه يشكل أهمية مضاعفة لدى مرضى الأمراض المزمنة ومنهم مرضى السكري، نظرا لحساسيتهم الشديدة تجاه العدوى الفيروسية وتأثيرها المباشر على استقرار مستوى السكر في الدم، إذ يمتاز الجهاز المناعي لدى مريض السكري بكونه أقل استجابة للعدوى مقارنة بالأشخاص الأصحاء، كما أن ارتفاع السكر في الدم يضعف خلايا المناعة ويزيد احتمالية الالتهاب.
والواقع أن إصابة مريض السكري بالإنفلونزا قد تؤدي إلى اضطراب مستويات الجلوكوز في الدم وصعوبة ضبطها، وازدياد خطر الالتهاب الرئوي أو العدوى البكتيرية الثانوية، وتدهور في وظائف الكلى أو القلب لدى المرضى الذين يعانون من مضاعفات مزمنة، ولذلك فإن اللقاح الموسمي يشكل وسيلة فعالة لتقليل احتمالية العدوى وخطورة الأعراض إن حدثت لا قدر الله.
وفيروس الإنفلونزا ليس ثابتا، فهو يتحور باستمرار، ولهذا تقوم منظمة الصحة العالمية كل عام بتحديد السلالات الجديدة الأكثر انتشارا، وتوصي بتحديث تركيبة اللقاح، ولذلك فإن التطعيم السنوي ضروري حتى لو حصل الشخص على اللقاح في العام الماضي، لأن المناعة ضد الفيروسات القديمة لا تضمن الحماية من السلالات الجديدة.
والأطفال المصابون بداء السكري أكثر عرضة لاضطراب السكر عند الإصابة بالإنفلونزا، مما يزيد من خطورة حدوث أي مضاعفات مما يستدعي التدخل العاجل والتوجه لطوارئ المستشفى، ولذا يوصى بإعطاء لقاح الإنفلونزا للأطفال السكريين، مع المتابعة الدقيقة لمستويات السكر.
ولا شك أن الدراسات أظهرت أن لقاح الإنفلونزا لا يقي فقط من العدوى الفيروسية، بل يقلل من حالات التنويم في المستشفيات لدى مرضى السكري، كما يساهم في تحفيز الجهاز المناعي بشكل عام ويخفف من الضغط على الجسم أثناء موسم العدوى، كما تشير بعض الأبحاث الحديثة إلى أن التطعيم المنتظم يحافظ على توازن المناعة ويمنع تفاقم الأمراض المزمنة الأخرى.
وتأتي أهمية التطعيم كل عام لكون فيروسات الإنفلونزا تتميز بالطفرات المتعددة، وتلك الطفرات تتسبب في تغيير شكل الفيروس مما يمكنها من خداع الجهاز المناعي للإنسان، ويجب أخذ تطعيم الإنفلونزا سنويا لأن تركيبة اللقاح تتغير كل عام من قبل منظمة الصحة العالمية، وذلك لمطابقة سلالات الفيروس المتغيرة كل عام في نصف الكرة الشمالي، حيث تقع المملكة العربية السعودية، وكذلك في نصف الكرة الجنوبي، حيث يوجد لقاحان لنصفي الكرة الأرضية، وقد يكونان متشابهين في بعض المواسم، وذلك حسب نوع سلالات الفيروس الشائعة.
وبشكل عام تظل التطعيمات أقوى سلاح في مواجهة الفيروسات الشرسة، لكونها تلعب دورا حيويا في تقوية الجهاز المناعي، وتساعد في حماية الصحة والحفاظ عليها، وخاصة أفراد المجتمع الأكثر ضعفا مثل الأطفال والحوامل وكبار السن ومرضى السرطان والأفراد الذين يعانون من أمراض مزمنة، إذ تخضع جميع اللقاحات للعديد من التجارب والاختبارات، للتأكد من أنها لن تضر الجسم، حيث تعلم اللقاحات جهاز المناعة لدينا كيفية تكوين الأجسام المضادة (البروتينات التي تقاوم الأمراض).
وهناك بعض النصائح المهمة الموجهة لمرضى السكري وهي: الحرص على أخذ لقاح الإنفلونزا الموسمية، ومراقبة مستويات السكر بشكل جيد يوميا، تناول الطعام الصحي والغني بالعناصر المفيدة لتعزيز المناعة، تجنب المشروبات الغازية والكافيين قدر الإمكان، والحرص على شرب الماء، تجنب مخالطة المصابين بالبرد أو الإنفلونزا قدر الإمكان، عدم تجاهل الراحة والنوم الصحي بساعاته وجودته.
الخلاصة: مرضى السكري من الحالات التي قد تتعرض - لا قدر الله - للإصابة بمضاعفات العدوى الفيروسية، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، فارتفاع مستويات السكر في الدم قد يضعف المناعة ويجعل الجسم أقل قدرة على مقاومة الفيروسات، لذا من المهم أن يحرص مرضى السكري بمختلف فئاتهم العمرية على أخذ تطعيم «الإنفلونزا الموسمية» تزامنا مع حملة وزارة الصحة، وبغض النظر عن التطعيمات السابقة، فذلك يعزز الجهاز المناعي ويحافظ على استقرار الجسم ويمنع المضاعفات ويحمي الفرد من مخاطر كبيرة طوال الموسم، وسلامة صحتكم.