من العالمية إلى المحلية... الاستراتيجية التي تكسب القلوب قبل الجيوب
الاثنين / 28 / ربيع الثاني / 1447 هـ - 21:01 - الاثنين 20 أكتوبر 2025 21:01
في قلب طوكيو بدولة اليابان، يمكن أن تصادف مقهى مألوفا لك في بلدك، يحمل شعاره العالمي المعروف، لكن بداخله كل شيء مختلف: ديكور يحمل بصمة يابانية، نكهات مصممة خصيصا للسوق المحلي، وحتى التحية عند الدخول تتبع تقاليد المكان.
إنه مثال واضح على أن العلامة قد تكون واحدة، لكن التجربة تتشكل وفق الثقافة التي تحتضنها. والمثير أكثر عندما ترى نجاح بعض المنتجات المألوفة لك في أوروبا وفشلها في آسيا، لماذا؟ هنا تكمن معضلة الشركات في زمن العولمة:
هل تحافظ على تجربة عالمية موحدة لعلامتها التجارية (الاستراتيجية العالمية)، أم تصمم تجربة محلية فريدة لكل سوق (الاستراتيجية المحلية)؟
في الحقيقة، الإجابة تعتمد على توجه الشركات وأهدافها، فإذا كانت الشركة:
1 - تعتمد في نهجها على بناء علاقات قوية مع العملاء المحليين، فالاستراتيجية الأمثل هي (الاستراتيجية المحلية)، حيث تركز على فهم السوق المستهدف بعمق، من خلال مراعاة الاحتياجات الفردية، والعوامل الثقافية التي تميز كل منطقة، فتقوم بتقديم خدمات تتماشى مع متطلبات السوق، مما يعزز ولاء العملاء ونجاح الشركة.
مثل ما تقوم بتقديمه بعض سلاسل مطاعم البرجر العالمية، إذ تقدم في الهند مثلا وجبات نباتية لتناسب شريحة كبيرة من السكان، بينما في اليابان تطور وجبات تعتمد على المأكولات البحرية، بما ينسجم مع الذوق المحلي.
2 - في المقابل، إذا كانت شركتك تهدف إلى توسيع قاعدة العملاء وزيادة الصادرات والواردات، فالاستراتيجية الأمثل لها هي (الاستراتيجية العالمية)، حيث تسعى لتوحيد العروض التجارية عبر مختلف الأسواق، فيسمح هذا النهج للشركات بتحقيق كفاءة تشغيلية أعلى، وترسيخ وجودها العالمي. تحافظ العلامات التجارية هنا على هوية متسقة وصورة موحدة في مختلف الأسواق، وتعتمد على رسائل تسويقية موحدة للجمهور كله. هذا الأسلوب يمكنها من الاستفادة من قوتها الرمزية وتقديم منتجات بخطوط إنتاج متشابهة لجمهور واسع حول العالم.
لكن، هل يمكننا أن نجمع بين التوحيد العالمي والتكيف المحلي؟
الإجابة هي نعم، ففي ظل توسع الأعمال إلى أسواق جديدة، لم يعد يكفي التفكير في استراتيجية عالمية أو محلية على حدة، بل أصبحت الشركات الرائدة تعتمد نهجا ثالثا أكثر مرونة وفاعلية: استراتيجية العولمة المحلية Glocalization.
يقوم هذا النهج على الالتزام بالانتشار العالمي من خلال منتجات أو خدمات موحدة، مع الحرص على تكييفها مع خصوصيات وثقافة السوق المحلي.
ويمكننا تنفيذ هذه الاستراتيجية عن طريق:
1 - السرد القصصي: أن تصيغ الشركة رسائلها بطريقة تلائم الحس الثقافي والسياق الاجتماعي للجمهور.
2 - الانتباه إلى العادات والمناسبات المحلية: أن تقوم الشركة بالربط بين رسالتها المحددة والتفاعل من خلالها مع مناسبات البلد.
3 - التواصل بلغة الجمهور: تواصل باللغة التي يفهمها جمهورك مع الحفاظ على منتج موحد أو هوية عالمية واضحة.
على سبيل المثال، تجسد شركة Unilever فعالية النهج الاستراتيجي المزدوج. في الأسواق الناشئة، تركز على التكيف المحلي، حيث تطور منتجات ميسورة التكلفة تلبي أذواق المستهلكين المحليين، بينما في الأسواق المتقدمة، تعتمد الشركة على استراتيجية التوحيد لتقديم عروض موحدة تحافظ على الاتساق والجودة.
في نهاية المطاف، نجد أن السؤال ليس «أي الاستراتيجيتين أفضل؟» بل «أي الاستراتيجيتين أنسب لأهداف الشركة وجمهورها؟».